عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

وقع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وسط جمع غفير يمثل أتباع الديانات السماوية والعقائد، برعاية دولة الإمارات الشقيقة، على وثيقة غاية في الإهمية لارتكازها على مضامين إنسانية بحتة، بعيدًا عن مهاترات المتشددين والمتطرفين من الجانبين، سميت «وثيقة الأخوة الإنسانية»، والتي تستوجب منا الوقوف عندها وتحليل مضامينها في مقالات تالية.

وقد أكد القطبان في تلك الوثيقة كون الأُسرَةِ هي نواة المُجتمعِ والبشريَّةِ، لإنجابِ الأبناءِ وتَربيتِهم وتَعليمِهم وتَحصِينِهم بالأخلاق، والتوكيد على أهميَّةِ بعث الحِسِّ الدِّينيِّ ثانية في نُفُوسِ الأجيالِ الجديدةِ بالتَّربيةِ الصَّحِيحةِ والتحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ؛ وأنَّ الأديانَ ليست باعثةً لمَشاعِرِ الكَراهِيةِ والتعصُّبِ وإراقةِ الدِّماءِ، ووقف استخدامها في تأجيجِ الكراهيةِ والعُنْفِ والتطرُّفِ، والكَفِّ عن استخدامِ اسمِ الله لتبريرِ أعمالِ القتلِ والإرهابِ.

ونقدم هنا موجزًا لأهم بنود تلك الوثيقة:

-القناعةُ الراسخةُ بأنَّ التعاليمَ الصحيحةَ للأديانِ تَدعُو إلى التمسُّك بقِيَمِ السلام وإعلاءِ قِيَمِ التعارُّفِ المُتبادَلِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المشترَكِ، وتكريس الحِكْمَةِ والعَدْلِ والإحسانِ، وإيقاظِ نَزْعَةِ التديُّن لدى النَّشْءِ والشبابِ؛ لحمايةِ الأجيالِ الجديدةِ من سَيْطَرَةِ الفكرِ المادِّيِّ.

-إنَّ الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وإنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، جعَلَها الله أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ.

-أنَّ العدلَ القائمَ على الرحمةِ هو السبيلُ الواجبُ اتِّباعُه للوُصولِ إلى حياةٍ كريمةٍ.

- إنَّ الحوارَ والتفاهُمَ ونشرَ ثقافةِ التسامُحِ وقَبُولِ الآخَرِ، من شأنِها أن تُسهِمَ في احتواءِ كثيرٍ من المشكلاتِ التي تُحاصِرُ الإنسان.

- إنَّ الحوارَ بين المُؤمِنين يَعنِي التلاقيَ في المساحةِ الهائلةِ للقِيَمِ الرُّوحيَّةِ والإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ المُشترَكةِ، واستثمارَ ذلك في نَشْرِ الأخلاقِ والفَضائلِ التي تدعو إليها الأديانُ.

-إنَّ حمايةَ دُورِ العبادةِ واجبٌ تَكفُلُه كُلُّ الأديانِ والقِيَمِ الإنسانيَّةِ والمَوَاثيقِ الدوليَّةِ، وكلُّ محاولةٍ للتعرُّضِ لِدُورِ العبادةِ، واستهدافِها بالاعتداءِ، هي خُروجٌ صَرِيحٌ عن تعاليمِ الأديانِ.

-إنَّ الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين- حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه- بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات مفاهيم خاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ، في ظل الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ، لذا يجبُ وَقْفُ كافة أشكال الدَعْمِ للحَرَكاتِ الإرهابيَّةِ، واعتبارُ ذلك من الجَرائِمِ الدوليَّةِ التي تُهدِّدُ الأَمْنَ والسِّلْمَ العالميَّين.

-إنَّ مفهومَ المواطنةِ يقومُ على المُساواةِ في الواجباتِ والحُقوقِ التي يَنعَمُ في ظِلالِها الجميعُ بالعدلِ، لذا يَجِبُ العملُ على ترسيخِ مفهومِ المواطنةِ الكاملةِ في مُجتَمَعاتِنا، والتخلِّي عن الاستخدام الإقصائيِّ لمصطلح «الأقليَّاتِ» الذي يَحمِلُ في طيَّاتِه الإحساسَ بالعُزْلَةِ والدُّونيَّة، ويُمهِّدُ للفتنة والتمييز.

-إنَّ العلاقةَ بينَ الشَّرْقِ والغَرْبِ هي ضَرُورةٌ ملحة لكِلَيْهما، لا يُمكِنُ الاستعاضةُ عنها أو تَجاهُلُها، مع التأكيدُ على ضَرُورةِ الانتباهِ للفَوَارقِ الدِّينيَّةِ والثقافيَّةِ والتاريخيَّةِ التي تَدخُلُ عُنْصرًا أساسيًّا في تكوينِ شخصيَّةِ الإنسانِ.

- إنَّ الاعترافَ بحَقِّ المرأةِ في التعليمِ والعملِ ومُمارَسةِ حُقُوقِها السياسيَّةِ هو ضَرُورةٌ مُلِحَّةٌ، وكذلك وجوبُ العملِ على تحريرِها من كافة الضُّغُوطِ المُنافِيةِ لثَوابِتِ عَقيدتِها وكَرامتِها، ويَجِبُ وقفُ كل المُمارَساتِ اللاإنسانية والعادات المُبتذِلة لكَرامةِ المرأةِ.

- إنَّ حُقوقَ الأطفالِ الأساسيَّةَ في التنشئةِ الأسريَّةِ، والتغذيةِ والتعليمِ والرعايةِ، واجبٌ على الأسرةِ والمجتمعِ، وينبغي أن تُوفَّرَ وأن يُدافَعَ عنها، وكذلك ضرورةُ الانتباهِ إلى ما يَتعرَّضُون له من مَخاطِرَ- خاصَّةً في البيئةِ الرقميَّة- وتجريمِ المُتاجرةِ بطفولتهم البريئةِ، أو انتهاكها بأيِّ شكل كان.

- إنَّ حمايةَ حُقوقِ المُسنِّين والضُّعفَاءِ وذَوِي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ والمُستَضعَفِينَ ضرورةٌ دِينيَّةٌ ومُجتمعيَّةٌ يَجِبُ العمَلُ على تَوفيرِها وحِمايتِها بتشريعاتٍ حازمةٍ وبتطبيقِ المواثيقِ الدوليَّة الخاصَّةِ بهم.

ويتبقى لنا أن ندعو كافة المؤسسات التعليمية في بلدنا؛ كي تدرج هذه الوثيقة المهمة في مناهجنا التربوية، وأن تعقد حلقات نقاشية- كجزء من الأنشطة الطلابية- بين طلابنا من جهة وأصحاب الفضيلة واخوتنا القساوسة والكهنة من جهة أخرى، كي نضيء العقول بكل ما هو صحيح ونحقق السلم الاجتماعي الذي نصبو إليه.