رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قرأت منذ أيام مضت عن نية إسرائيل، التى تمتلك 17 قمرًا صناعيًا، إطلاق قمر صناعى جديد سيبث نحو عشرين قناة فضائية موجهة باللغة العربية، انتهى الخبر.

وأخذت أقلب بين المواقع العربية الحنجورية، فلم أجد تعقيبًا أو تحليلًا واحدًا، وكأن الجميع قرر أن سياسة النعام هى خير وسيلة للتعامل مع الكيان الصهيونى، فليس هناك من يرغب فى تحمل تبعات الكلمة، إلا من رحم ربى.

لم أشأ أن أكن ذا نظرة سوداوية، خشية أن يقول البعض لي: لماذا تفترض أن تلك القنوات لن تعمل على نشر القيم والفضائل والأخلاق والانتماء والمواطنة، وستعلمنا سياسة الترشيد فى حياتنا، وسترسخ مبادئ الديمقراطية واحترام المؤسسات بيننا؟ وربما تمادى قائلًا: وستأتينا بكل ما يزيح عنا عناء الأيام؛ ألا تتذكر إذاعة إسرائيل المعهودة من أورشليم القدس، التى طالما سمعناها قبل ظهور الفضائيات؟

قررت ألا أكون سوداويًا فى رؤيتى، لكن من حقى كمواطن يجرى الدم العربى فى عروقه أن أغار على عروبتى وهويتى، وعلى رسلى وأنبيائى، من السيد المسيح (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه وسلم). وكلنا يعلم جيدًا كم عانى السيد المسيح ومحمد (صلى الله عليه وسلم) من شرور اليهود ومكائدهم.

فإذا كان ذلك هو مسلكهم مع الأنبياء، فما بالكم بموقفهم منا ونحن نعيش زمن الغواية وانكسار الذات؟

أما سلوكهم فى إغواء الآخر سواء من العرب أو غيرهم، فيكفى اعتراف تسيبى ليفنى بما مارسته مع قيادات عربية ارتضت أن تزهق كرامتنا على فراشها، فلا بأس عندها من معاشرة الأعداء مقابل أمن إسرائيل.

وفى هذا السياق، هناك مئات وربما آلاف الزيجات الإسرائيلية- العربية، بهدف إنجاب جيل ممسوخ الهوية، يتسم بالولاء لإسرائيل، بحكم المولد والفكر والثقافة.

معلوم لنا تمامًا أن الفكر الصهيونى قائم على كراهية كل ما هو غير يهودى، وتاريخ الصهاينة منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم يبين جليًا سلوكهم العدوانى مع الآخر، سواء فى أوروبا أم فى المنطقة العربية، من قتل وتدمير وسفك للدماء واغتصاب للأرض بدون حق شرعى.

وإذا كانت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قد أعادت لنا الأرض وحقنت الدماء، إلا أنها لم تحقق لإسرائيل كل ما كانت تصبو إليه، اللهم إلا منطقة محدودة منزوعة السلاح بينهما؛ وفشلت فشلًا ذريعًا فى مسألة التطبيع؛ لأن الشعب كان صاحب القرار فى هذا وليس الساسة ورجال الحكم، ومن ثم أَحجم عن التطبيع، حيث لا تزال دماء الشهداء فى بيوتنا باقية، ورفات الجنود فى سيناء راقدة.

ولكن ماذا لو جاءكم التطبيع قسرًا عبر الأثير، حاملًا معه كل ما تشتهيه الشعوب العربية؟

ستحاول إسرائيل عبر قنواتها العربية المرتقبة أن تقدم للعقول العربية، والشباب خاصة، كل ما لذ وطاب.

أتصور أنها ستلعب على مسألة الديمقراطية (الإسرائيلية) فى مواجهة الديكتاتورية (العربية)، وستقدم الفن والثقافة الإسرائيلية فى صورة يشتهيها الشباب العربى، وستمضى فى تقديم الفكر الإباحى المطلق الذى يبيح كل شيء سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا بهدف تفكيك ثوابت المجتمعات العربية، وستلعب على قضايا المعارضة والحراك الاجتماعي- الثورى بقنوات إخبارية متخصصة مصروف عليها، تعمل على تشريح الحكومات العربية بحرفية عالية، وربما تفضح دقائق علاقاتها بدولة الاحتلال.

أستطيع القول إن تلك القنوات المرتقبة تحتاج تضافرًا بين وزراء الإعلام العرب، وتحتاج جهدًا ليس بالقليل منهم لمواجهتها؛ وفى مصر يتحتم على المجلس الأعلى للإعلام أن ينهض ليعد استراتيجية واضحة المعالم تعتمد على تطوير الذات والارتقاء بها، لمواجهة الغزو الفضائى الإسرائيلى المرتقب الذى شئنا أم أبينا سيصبح واقعًا، وقرينًا للسوشيال ميديا التى نالت منا؛ ويا حبذا لو تم التفكير فى إطلاق قناة مصرية موجهة بالعبرية تكون بمثابة سياج ونافذة يرانا منها الآخر!

كاتب وأستاذ أكاديمى