رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

جاء فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأمريكى فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأسبوع الماضى، ليجرد الرئيس دونالد ترامب من نصف أسلحته السياسية الهجومية، فى حين جاء فوز الجمهوريين بأغلبية مجلس الشيوخ ليقلل إلى حد كبير من فرص عزله قبل انتهاء مدته الرئاسية، على خلفية التحقيقات التى تجرى حول التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.

بفوزهم بـ219 مقعدًا فى مجلس النواب، مقابل 193 للجمهوريين، يستطيع الديمقراطيون عرقلة «الأجندة التشريعية» لترامب، حيث لن يستطيع بسهولة إصدار القوانين التى ينفذ بها سياساته كما كان يفعل قبل الانتخابات، فى حين لن يستطيع الديمقراطيون عزل ترامب الذى يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الذى يسيطر عليه الجمهوريون.

لكن فى كل الأحوال، فإن أمريكا جديدة تبدأ فى الظهور، لن يكون الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام ترامب للمضى قدمًا فى سياساته المعادية للأقليات أو الهجرة إلى أمريكا، أو تخفيض الضرائب على الأغنياء، أو مساعدة المحافظين فى تقلد المناصب الحكومية الكبيرة، أو إلغاء قانون الرعاية الصحية، ولن يتمكن أيضا من إطلاق تصريحاته المحرجة ضد حلفائه فى أوروبا أو كندا، وحتى إذا أطلقها لن يأخذها أحد منهم بجدية، فلم تمض عدة أيام على هذه الانتخابات حتى بدأت فرنسا وألمانيا بحث إنشاء جيش أوروبى موحد بعيدًا عن أى وصاية أمريكية، وهو تحول استراتيجى خطير لن يستطيع ترامب الجريح انتخابيًّا أن يتصدى له، أو أن يحتفظ لبلاده بنفس نفوذها الكلاسيكى المعروف داخل دوائر الحكم فى أوروبا.

عالم جديد يتشكل مع هزيمة الجمهوريين، النظام العالمى أحادى القطب الذى تسيطر عليه أمريكا يتراجع خطوة للخلف، لتبدأ فرص تشكل نظام جديد متعدد الأقطاب، هناك التنين الصينى ،والدب الروسى، ثم أوروبا التى تشم فى الأفق رائحة هذا النظام الجديد فاستعدت له بالسعي لتكوين جيش موحد.

كل هذه التغيرات سوف تؤثر على أوضاعنا فى الشرق الأوسط، هناك فرص أمامنا لكى نستفيد من التناقضات بين هذه الأقطاب الجديدة، ومن التضارب المتوقع فى مصالحها، ومن المنافسات بينها على مناطق نفوذ، فنحن فى المقابل نمتلك طاقات جبارة نستطيع من خلالها أن نحقق مصالحنا فى هذا العالم الجديد، ثرواتنا الطبيعية الهائلة، موقعنا الجغرافى الفريد الذى يتوسط العالم، طاقات بشرية جبارة ومجتمعات شابة لا تحتاج سوى تعليم جيد وفرص عادلة فى الحياة، وخلفنا تاريخ عريق رغم تقاعسنا عن غربلته وقراءته بصورة نقدية.

انتخابات الكونجرس هى استجابة أمريكية واضحة لهذا العالم المتعدد الأقطاب الذى سيفرض نفسه على البشرية كلها بكل مساوئه ومميزاته، فنحن فى الحقيقة لسنا أمام أمريكا جديدة فقط كما قالت بعض الصحف الغربية، فنحن فى واقع الأمر أمام عالم جديد يتشكل ببطء أمام أعيننا، إما أن نكون مشاركين فى صنعه، أو أن نكون ضيوفًا غرباء عليه!