رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرب أكتوبر المجيدة لم تكن حربًا بقدر ما كانت معجزة.. ولم تكن انتصارًا بقدر ما كانت اكتشافًا لأنفسنا ولقدراتنا.. فمن خلالها اكتشفنا - أو بتعبير أكثر دقة - أعدنا اكتشاف قدراتنا على تحقيق المعجزات عندما نريد! كانت المهمة صعبة.. تكاد تكون مستحيلة. وكان العالم متأكدًا من أن مصر لن تحارب ، وكان هناك شبه إجماع على أن نظام الرئيس الراحل أنور السادات على وشك الانهيار،  وكان مهمًا وضروريًا أيضًا استعادة الروح القتالية العالية للجندى المصرى.

لم تكن المهمة سهلة لكنها تحققت بعزيمة الرجال وإيمانهم فإن الذين عاصروا هذه الحرب وما قبلها وعاشوا أيام النكسة يعرفون أننا لم ننتصر فى هذه الحرب على جيش الاحتلال الإسرائيلى فقط.. وإنما انتصرنا على أنفسنا أيضًا. ولم نعبر فى هذه الحرب أصعب مانع عسكرى عرفه التاريخ فقط. ومما لا شك ولا جدال فيه أن الرئيس السادات اتخذ قرارا من أشجع قرارات تاريخ مصر الحديث وهو قرار الحرب ضد عدو متفوق علينا كما وكيفا لتحرير أرض سيناء، وهو قرار كان يحمل مخاطر كبيرة ضده كشخص، فحتى يوم 6 اكتوبر لم يكن للسادات الحب الجماهيرى أو الشعبية مثل الرئيس عبدالناصر، فلم يكن الشعب ليقبل سوى النصر، وفى مذكراته يورد السادات سطورا متفرقة كثيرة تعكس مدى ثقته الشخصية فى القوات المسلحة وفى تسجيلات المجموعة 73 مؤرخين مع أبطال حرب أكتوبر يذكر الكثيرون منهم لقاءاتهم الكثيرة مع السادات ومدى ثقته الشخصية فى جنود وضباط القوات المسلحة المصرية ومدى رغبته القوية فى مسح عار هزيمة 67 واقتناص ولو موطئ قدم (شبر واحد) من سيناء لكى يمكنه التفاوض عليه.

وكانت بداية هذه الحرب بتوجيه هجوم مفاجئ على القواعد العسكرية الإسرائيليّة الموجودة فى كل من سيناء وهضبة الجولان حيث إن بعد انتهاء حرب النكسة فقد ظلّت القوات العربيّة تفكّر فى استرداد المناطق التى احتلتها إسرائيل، وردّ الاعتبار لهيبة الجيوش العربيّة التى انكسرت هيبتها فى هذه الحرب، وقد بدأت التّحضيرات العسكريّة لهذه الحرب مبكرًا، وتمّ التّخطيط لها تخطيطًا محكمًا. وقد بدأ الهجوم المباغت للقوات المصريّة على هذا الخطّ يوم السّادس من أكتوبر عام 1973 الموافق العاشر من رمضان؛ وذلك لأنّ هذا اليوم يصادف يوم الغفران فى الديانة اليهودية، حيث استطاعت القوات المصريّة تدمير خط بارليف واجتيازه فى مدة قياسيّة لم تتجاوز ستّ ساعات. وقد شهدت الأيام الأولى من الحرب تحقيقًا للأهداف الاستراتيجية التى كان يرجوها الجيشان المصرى والسورى من هذا الهجوم العسكرى على العدو الإسرائيلى، فتمكنت القوات المصرية من اقتحام المنطقة الواقعة شرق قناة السويس لمسافة امتدت لعشرين كيلومترًا، أما القوات السورية فاقتحمت أماكن تواجد الكيان الصهيونى ووصلت إلى هضبة الجولان ثم سهول الحولة وأخيرًا إلى بحيرة طبرياو : فعلى الرغم من مرور خمسة وأربعين عاما على حرب أكتوبر إلا أننا لا نزال نشعر بمذاق وحلاوة الانتصار.

أما الذى ضاع منا على امتداد هذه السنوات الطويلة فهو المعنى.. معنى انتصارنا على أنفسنا.. وهذا ما نحتاج أن نبحث عنه ونستعيده.. ولهذا كان من الضرورى أن تسترد مصر أرضها بالقوة وإيمانا بأن «ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة». وهذه العبارة هى الدافع الرئيسى التى توجت الكفاح المصرى والعربى ضد العدو الصهيونى فى كل الحروب التى خضناها لاسترداد حقنا وللحفاظ على اوطاننا.. كل عام ومصر وجيشها وشعبها بكل خير.