رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

بات فى حكم المؤكد، وفق تصريحات المسئولين على مختلف المستويات أن هناك إجراءات اقتصادية متعددة سيتم اتخاذها مع أول يوليو المقبل أى بعد نحو شهر من الآن، تشمل فى الجانب السلبى منها على صعيد المواطن رفع أسعار الوقود والكهرباء، وفى الجانب الإيجابى علاوات اجتماعية تساعد المواطن على مواجهة الارتفاعات المختلفة المتوقعة فى أسعار عدد آخر من السلع، أو هى كما وصفها الكاتب ياسر رزق فى مقالة له بالأخبار الأحد الماضى كالسكر الذى يلازم ابتلاع الدواء المر للتخفيف من مرارته.

والمبررات التى تراها الدولة لهذه السياسة عديدة وتتمثل فيما أعلنه الرئيس السيسى ذاته من أنها إجراءات صعبة وقاسية أبدى استهانته بدعوة البعض له بتأجيلها حرصا على شعبيته، باعتبار أنها مما لا بد منه، وهى تأتى كما ترسم السياسة الاقتصادية فى إطار خطة شاملة للنهوض بالدولة والخروج من حالة التردى التى ندور فيها على مدى عقود. ومن بين المسوغات لهذه القرارات أن استمرار الوضع على ما هو عليه مما ينوء به اقتصاد الدولة، حيث تصل خسائر دعم الوقود كما نشرت «الوفد» أمس إلى نحو 256 مليارا سنويا تمثل أموالا مهدرة تضرب مفاصل الاقتصاد وتصب فى صالح الأغنياء.

سبب هذا الحديث الذى يمثل استباقا للأحداث أننا قد خرجنا للتو وقبل أقل من شهر من خطوة مماثلة تتمثل فى رفع أسعار المترو بين عشية وضحاها، مما تسبب فى حالة غضب بين قطاع غير قليل من المواطنين وحالة من الانتقادات الواسعة لوزارة النقل، وكأنها تمثل كوكبا آخر ولا تمثل الدولة، على أساس أنها لم تمهد للجمهور وتشرح له الوضع قبل تطبيق تلك الزيادة، وهى انتقادات قدمها المساندون للزيادة والمؤيدون لهذا النهج من التعاطى الاقتصادى، قبل رافضيها. السؤال هنا: كيف نتجاوز ما رآه البعض خطأ وزارة النقل وما هى الاستعدادات التى ترى الدولة ضرورتها لتسويق قرارات يوليو المستقبلية، إذا جاز تسميتها كذلك، وما هى خطتها لوضع المواطن فى الصورة بشأن الظروف التى تفرض السياسة التى يتم انتهاجها؟

قد يقول قائل إنه لا جديد تحت الشمس، فمجمل تصريحات المسئولين وعلى رأسهم الرئيس السيسى نفسه تحاول على مدار السنوات الماضية، ومنذ إبرام الاتفاق المعروف مع صندوق النقد بقرض الاثنى عشر مليار دولار، شرح الأمر للمواطن بكل الطرق التى تيسر عليه فهمه الموقف الاقتصادى للدولة ولزومية وحيوية وأهمية وضرورة - وكل المصطلحات المناسبة لهذا التعبير - الإصلاح الاقتصادى. وهذا صحيح، ولعل متابعة متأنية لكل المؤتمرات الجماهيرية التى يشارك فيها الرئيس بما فيها مؤتمرات الشباب ومبادرة «اسأل الرئيس» تشير إلى ذلك. لكن قرارات يوليو نقلة إضافية جديدة أعتقد - وأتصور أن أجهزة الدولة والمواطن نفسه لديه نفس الاعتقاد - أنها تتطلب روشتة خاصة للتعامل مع الموقف.

ولعل مما يعبر عن هذه الحالة تصريح وزير الكهرباء محمد شاكر منذ أيام قليلة ويكشف الصراع النفسى – إن صح التعبير - الذى تجد الدولة فيه نفسها ومحاولة إيصال الرسالة إلى المواطن بكافة السبل، حيث راح يؤكد أنه لا يرغب فى رفع أسعار الكهرباء، موضحًا: «أنا ببقى مضايق، وأنا برفع الأسعار، لكن العدو أمامنا والبحر خلفنا.. هنعمل إيه».

وسبب هذا الصراع النفسى الذى تجد الدولة فيه نفسها إدراكها أن المواطن يعانى بالفعل وأنه وصل فى تلك المعاناة إلى مراحل صعبة. إن الدولة ترى أنها أمام بديلين أحلاهما مر.. ترك الأسعار على ما هى عليه دون رفع وهذا يمثل - من وجهة نظر المسئولين - خللا اقتصاديا لا يعبر عن منطق رشيد، وإما رفعها لإعادة توزيع أعباء الحياة بين المواطنين وتحقيق ما تراه هى عدالة اجتماعية. والمواطن يرى فى المقابل أنه من حقه أن يشم نفسه ولا تهوى عليه هراوة رفع الأسعار سنويا.

فى تقديرى أن الأمر يتطلب قدرا غير محدود من الحكمة من الدولة فى التعامل مع هذا الأمر، قد تتجاوز حكمة سليمان، ومن المواطن صبرا يقترب من صبر أيوب، وهى معادلة صعبة، كان الله معنا جميعا فى مواجهتها، لعلنا ننجح فى أن تكون ميزانيتنا كدولة على شاكلة ما كان عليه حال قارون!!

[email protected]