رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

من الممكن أن يكون وزير التعليم، طارق شوقى، أفضل وزير يقدم لنا أعظم وأرقى وأجود نظام تعليمي جديد على امتداد تاريخنا، ولكنه بالتأكيد أسوأ وزير يمكن أن يقنع المصريين بهذا النظام، وأن يشرح لهم فضائله ومزاياه!

كل أولياء الأمور يشعرون أن أولادهم سيغرقون فى بحر من الظلمات  فى نظام تعليمى لا يعرفون عنه شيئاً، فالوزير الذى قال  أسبوعين فى حوار مع موقع «مصراوى» إن «النظام الجديد هيتعمل هيتعمل والمجتمع مش عارف مصلحته»، يهدم تماماً كل فلسفة هذا النظام المفترض- كما قال الوزير نفسه- إنه ينمى قدرات طلابنا على التفكير الإبداعى المستقل، ويبنى شخصياتهم وعقولهم بعيداً عن الحفظ والتلقين، ويدربهم على طرح الأسئلة والبحث الذاتى عن إجاباتها الصحيحة.

فالوزير المفترض أنه يقود المنظومة التعليمية على أسس جديدة يتهم المجتمع كله بالجهل لمجرد أن الناس طرحت تساؤلاتها حول طبيعة التطوير الذى ينفذه الوزير، بل إنه يقدم نموذجًا لديكتاتور صغير يفرض ما يراه صوابًا على الناس، وكأنه يقول لهم «اللى مش عاجبه يشرب من البحر»،  كما أن الوزير بهذه العقلية يقدم للمدرسين كل المبررات لقمع الطلاب، طالما أن وزيرهم يقمع المجتمع التعليمى كله فى مصر، بدون أن يوقفه أحد عند حده!

فى تصريحات صحفية قديمة، قال الوزير أيضاً غاضباً إن الناس يكيلون له الاتهامات الباطلة عندما استظرف البعض، وقال إن الوزير يخترع «الفنكوش»، لكنه تجاهل أنه شخصياً ضرب ستاراً حديدياً من الغموض حول أفكاره وخططه لتطوير التعليم، لم يخطر بباله للحظة واحدة أن يطرح هذه الخطط للنقاش المجتمعى، فهو يفترض على ما يبدو أنه يمتلك الحكمة الصافية والعبقرية المتفردة التى تكفيه مؤونة الاستماع لآراء الآخرين سواء من خبراء التعليم والمدرسين أو أولياء الأمور بل والطلاب أنفسهم.

فلسفة التعليم التى يتبناها الوزير تتناقض على طول الخط مع تصوراته حول تنفيذ هذه الفلسفة، كل الأسئلة التى تهم أولياء الأمور ألقاها الوزير وراء ظهره، لم يشرح لهم كيفية توفير الميزانيات التى تتطلبها خططه لتطوير التعليم؟ ومن سيتحملها إذا كان هو شخصيا قد صرح بأن الحكومة لا تستطيع توفير هذه الميزانيات؟ وهل سيفاجئنا الوزير بعد ذلك بإلغاء مجانية التعليم بعد تلميحاته بأن المصريين يدفعون مبالغ فلكية على الدروس الخصوصية؟ ثم كيف سيوفر للمدرسين رواتب محترمة تمنعهم من الوقوع فى شرك هذه الدروس الخصوصية إذا استمرت مجانية التعليم؟             

لا أحد يختلف حول أن نظامنا التعليمى متخلف وفاقد الصلاحية ويخرج أجيالا منهكة من الحشو والتلقين، رغم أن هذا النظام يبتلع مليارات الجنيهات كل سنة، لكن كل هذا ليس مبرراً لأن نسلم رقبتنا لوزير يرفض النقاش العلمى الديمقراطى مع المجتمع ويراهن على نجاحه داخل المدارس .. فهذا هو «الفنكوش» الحقيقى!