عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

 

من بين كل التلاميذ الذين أرسلهم محمد على باشا لتلقي العلم فى فرنسا، كان يستوقفنى دائمًا اسم إبراهيم باشا النبراوى بقصته الغريبة التى قد لا يعرفها الكثيرون، والتى يرى البعض أن «المصادفة» لعبت دور البطولة فيها.

كل الشواهد كانت تؤكد أن إبراهيم الطفل الصغير كان سيخلف أباه فى زراعة الأربعة قراريط التى تملكها أسرته الفقيرة، لولا أن تفكيره هداه أن يقترح على أبيه وأمه أن يبيع محصول البطيخ فى القاهرة بدلا من بلدته الصغير نبروه أو أسواق طنطا حيث اعتاد أبوه أن يبيع البطيخ هناك، لعله يحقق ربحًا أعلى، ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، حيث سافر الطفل الصغير إلى سوق الجمالية فى القاهرة لكنه فشل فى بيع المحصول إلا بشق النفس وبخسارة فادحة جعلته يخجل من مواجهة أسرته، فقرر أن يقيم بالقاهرة بعد أن أرسل ثمن البطيخ مع أحد أهالى قريته إلى والده.

ولم يمض وقت طويل حتى قرر أن يكمل دراسته بالجامع الأزهر، خاصة وأنه تلقى فى كتاب قريته مبادئ الحساب والفقه، لعله يعود بعد عدة سنوات إلى أبويه وهو يحمل شهادة العالمية، ويعوضهما عن فشله فى تجارة البطيخ.

فى الأزهر كان النبراوى متفوقًا فى دراسته يحوز على إعجاب شيوخه حتى رشحه أحدهم للقاء أعضاء لجنة أرسلها الوالى محمد على لاختيار بعض الطلاب النابهين للتعلم فى أوروبا، وبالفعل وقع اختيار اللجنة عليه لدراسة الطب فى فرنسا، حيث تحولت حياته إلى طريق جديد لم يخطر له على بال.

وفى فرنسا أثبت الشاب إبراهيم النبراوى تفوقًا ونبوغًا فى دراسة الطب والجراحة، وحينما عاد إلى مصر بعد 4 سنوات من الدراسة الشاقة، أصبح مدرسًا بمدرسة الطب، وذاع صيته بين المصريين كطبيب وجراح ماهر، لدرجة أن محمد على نفسه اختاره ليكون طبيبه الخاص، إلى أن حصل على لقب الباشوية.

ما يلفت النظر فى حياة إبراهيم باشا النبراوى هى روح التحدى التى ميزت هذا الطفل الصغير، وحولته من تاجر بطيخ فاشل إلى أعظم أطباء وجراحى عصره، فهذه الروح هى التى ميزت المصريين طوال تاريخهم، قد تخفت أحيانا، ولكنها دائما موجودة فى صدورهم، وتجعلهم قادرين على تخطى الهزائم، بل وصنع المعجزات التى لا يتوقع أحد حدوثها.

داخل كل إنسان نفحة من هذه الروح التى حلقت بإبراهيم باشا النبراوى إلى عنان السماء، كل ما نحتاجه نحن فى مصر أن نجلو عنها الصدأ، وأن نوفر المناخ العام الذى يمكننا من استحضار هذه الروح من جديد، وساعتها لن يستطيع أحد منعنا من تجاوز كل مشاكلنا وتحقيق كل أهدافنا.