رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلام

قبل يومين حلَّت الذكرى 29 لتحرير طابا، وصحيح أشار الإعلام من بعيد للذكرى الخالدة، لكنه لم يذكر أصحاب الفضل فى إعادة آخر جزء من سيناء لأرض الوطن، وأغفل زملاؤنا فى البرامج وحتى فى الصحافة ما سجله التاريخ، وتناسوا أنَّ التاريخ أكد مراوغة إسرائيل كما هى دائمًا تُماطِل وتُدْمِن التلاعب والتنصل.. غير أنَّ اثنين استطاعا أنْ يوقفا قادتها وكبار المراوغين فيها عند حدودهم.. الأول كان الرئيس الراحل أنور السادات، الذى نجا من كل محاولات الإيقاع به، ووقَّعَ معهم ونفَّذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ومعاهدة السلام عام 1979.. والثانى كان الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى نجا هو الآخر من محاولات الإيقاع به وجره إلى دائرة مفرغة من المفاوضات، واسترد طابا بالتحكيم بعيدًا عن المساومات..

أدرك الرئيس مبارك بعد أنْ تولَّى إدارة البلاد بعد مقتل الرئيس السادات، أنَّ إسرائيل تُماطِل فى تنفيذ انسحابها من سيناء وتحاول تأجيله، وافتعلت أزمة «طابا»، وفَطِنَ «مبارك» لهذه المحاولات، وجرَّهُم هو إلى حيث أراد، وتحقق الانسحاب فى 25 أبريل عام 1982، غير أنَّ منطقة «طابا» بقيت مشكلة عرض الإسرائيليون لحلها تعويضنا عنها بمساحة أكبر فى صحراء النقب المحتلة، لكن مبارك رفض، وقال لهم إنَّ «طابا» وإنْ كانت مساحتها سنتيمترًا واحدًا، لن أستطيع التنازل عنها أو مقايضتها، فلستُ قيِّمًا على الشعب، ولا مفوضًا عنه فى التصرف فى أرضه.. وعندما طلب شيمون بيريز زيارة مصر وقتها، طالبه مبارك بأن يُعْلِن موافقة إسرائيل على قبول التحكيم، قبل أن يلقاه فى الإسكندرية.. وبدأ صراع تحديد السؤال الذى سيتم طرحه على المحكمة الدولية.. كانت إسرائيل تريد بحث الحدود «عموما»، ومصر تُصِر على أن يكون السؤال المطروح على المحكمة يخص علامات الحدود المتنازع على مواقعها فقط.. وتم توقيع اتفاق قبول التحكيم، لتبدأ مصر معركة أخرى مع إسرائيل، انتهت لصالحنا بحكم هيئة التحكيم الدولية فى 29 سبتمبر عام 1988، ورغم الحكم ظلَّت إسرائيل كعادتها تُمَاطِل فى تنفيذه لمدة ستة شهور، واستغرقت المفاوضات اللاحقة على هذا الحُكم هذه الشهور الطويلة؛ لنقل ملكية المنشآت الفندقية المقامة على أرض طابا لمصر، حتى تم فى 26 فبراير 1989 توقيع الاتفاق النهائى لخروج إسرائيل نهائيًا من آخر نقطة مصرية، وتأخر حفل توقيع هذا الاتفاق 25 دقيقة للاعتراض على مساحة 4 أمتار و62 سنتيمترًا يمر فيها خط الحدود بسبب «كُشك» حراسة خرسانى بناه الإسرائيليون، وأصرَّ «مبارك» على أن يتم ترسيم الحدود بالسنتيمتر، وتم فى النهاية تقسيم الكُشك بين الطرفين، لينتهى الانسحاب فى 15 مارس 1989. وبعدها بأربعة أيام فى 19 مارس، رفع رئيس مصر العلم المصرى على آخر جزء فى سيناء دنسته إسرائيل لمدة 12 عامًا..

وبعد 29 عامًا من تطهير أراضينا، فإنَّ المُنصفين مدينون بتحية للسادات، وتحية أخرى لمبارك فى ذكرى إعادة «طابا»، فقد شاركا وقادا معارك الحرب والسلام لإعادة كامل أراضينا.. ويشهد لهما التاريخ بأنهما تركا مصر محررة وحُرَّة ومستقلَّة بعد احتلالها سنين طويلة..

[email protected]