عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

لاشك أن الإلحاد أصبح ظاهرة منتشرة بالمجتمع المصرى لا مفر من الالتفاف حولها والالتفات إليها، وإظهارها فى العلن، بل والاعتراف بوجودها وطرحها للنقاش للتوصل لحلول جذرية منطقية لها بعيداً عن فرض العقوبات أو التجريم بمعنى أدق.

فبالنسبة لأعداد الملحدين بمصر، قد لا يكون متوفر لدينا الأرقام الحقيقية للملحدين بالمجتمع المصرى، وحتى بعد إعلان محكمة الأسرة فى 2015 ازدياد عدد دعاوى الطلاق التى تلقتها بسبب إلحاد الزوج أو تغيير العقيدة إلى 6500 قضية، إلى أنه من المستحيل أن نقوم بالتفتيش فى ضمائر الناس وقلوبهم لمعرفة المؤمن من الملحد ولكن اللافت للنظر أن الملحدين مؤخراً قد شرعوا فى التعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم بلا خوف أو قلق.

وبالإشارة إلى مشروع القانون الذى يرغب فى تقديمه للبرلمان أمين سر لجنة الشئون الدينية والخاص بتجريم الإلحاد والمكون من 4 مواد، الأولى تشمل تعريف الإلحاد، والثانية تشمل تجريمه والعقوبات المقررة له، والثالثة تشمل التراجع عن تنفيذ العقوبات حال التراجع عن الإلحاد، أما الرابعة فتشمل نشره فى الجريدة الرسمية.

فمن رأيي أن مشروع قانون تجريم الإلحاد سواء بفرض العقوبات أو إلغائها حال الرجوع عن الإلحاد، ليس الحل الأمثل لهذه الظاهرة وذلك لعدة اعتبارات، أولها أن حرية الاعتقاد مكفولة فى دستور 2014 والازدراء فقط هو المجرم بنص فى قانون العقوبات، وثانيها أن من سيُنفذ هذا القانون فى حالة إقراره سيقف أمام مشكلة معقدة للغاية وهى من الذى سيطبق عليه القانون، أقصد من هم الملحدون، فالكثير منهم بل قل معظمهم لا يعلنون عن إلحادهم بصورة واضحة ومباشرة للآخرين، ولا يعلم بوجودهم أحد حتى إن كان من أقرب الأقربين لهم، وحتى وإن فُرض وألقيت القبض على أحدهم وبالفعل وجدت بالدليل القاطع والبينة ما يثبت إلحاده وكفره بالأديان السماوية، ثم حدث أن عَدَلَ عن إلحاده فقط لخوفه من العقوبات المقررة ضده  فأفرجتَ عنه وألغيت عقابه (وفقاً لمشروع القانون)، ثم بعد أن تم الإفراج عنه رجع مرة أخرى لإلحاده ولكن هذه المرة صار أكثر حرصًا من المرة الأولى، فقرر عدم البوح أو الجهر بكفره. فما الفائدة هنا إذن من التجريم أو العدول عنه حال تراجعه؟ لن يضمن لى التجريم أو العدول عنه حال التراجع عن الإلحاد أن يرجع الملحد لإيمانه بالله الواحد القهار.

فالتجريم أو إلغاء العقوبة حال التراجع ليس بحل ولن يُجدى فى ردع هذه الظاهرة والتى بدت لنا فى الآونة الأخيرة مرعبة ومخيفة، فمن رأيي أن التجريم سيزيد من حجم الظاهرة أكثر، بدلاً من ردعها، فدائماً ما يفشل التهديد باستخدام القوة فى قمع الأفكار والمعتقدات المخالفة لنا ولأدياننا ولأعرافنا المجتمعية أو منع انتشارها، بل بالعكس يعتقد البعض أن تلك لغة الضعفاء الذين لا يملكون الحُجة والبينة لفرضها على المخالفين لهم ولأن الممنوع مرغوب دوماً.

فالظاهرة أكبر من ذلك بكثير وتحتاج إلى تدخل عاجل من المؤسسات الدينية وعلى رأسهم الأزهر الشريف، فعرض الآراء وتفنيدها والرد عليها حُجة بحُجة، ودليل بدليل، مستخدما لغة المنطق هو الذى سيحد من الظاهرة، لا التجريم ولا التهديد أو الحبس، ولكن بالطبع نتفهم النوايا الحسنة لمقدم مشروع القانون وهدفه من تقليل حجم الظاهرة. 

[email protected]