عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

 

 

بقراءة متمهلة للتقارير الاستخباراتية الكاذبة- أو على الأقل المشكوك فيها بدرجة كبيرة- عن وجود حشود إسرائيلية على الحدود السورية، كان يمكن للرئيس الراحل جمال عبدالناصر أن يجنب مصر والعرب هزيمة يونية 1976، هذا ما يقوله الفصل الأول من كتاب «فى تشريح الهزيمة– حرب يونية بعد خمسين عاماً» الذى ناقشته ندوة بمكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك منذ عدة أيام بحضور الباحثين الستة الذين أعدوا الكتاب.

قبيل الحرب بعدة شهور، ادعت سوريا أن إسرائيل تحشد قواتها على الحدود رداً على العمليات الفدائية الفلسطينية التى تنطلق من أراضيها ضد أهداف إسرائيلية، لكن «عبدالناصر» لم يصدق هذه الادعاءات السورية التى كان ورائها حافظ الأسد، وزير الدفاع السورى آنذاك، حتى وصلته تقارير من وكيل وزارة الخارجية بعد اجتماعه بالسفير الروسى بالقاهرة، ثم من «السادات» عبر سفير موسكو فى كوريا الشمالية، ثم من صلاح نصر،  رئيس المخابرات العامة، نقلاً عن نظيره الروسى، فوقع «عبدالناصر» فى الفخ وصدق هذه التقارير، دون أن يولى أدنى اهتمام بمصداقية هذه التقارير التى كذبتها زيارة وزير الحربية، محمد فوزى، للحدود السورية- الإسرائيلية دون أن يجد أثراً لهذه الحشود المزعومة، ولا حتى النفى الإسرائيلى لهذه الحشود والتى دعت حكومتها السفير الروسى لديها لزيارة الحدود حتى يتأكد بنفسه من عدم وجودها!

ومع ذلك فقد أصر «عبدالناصر» على التصعيد العسكرى دون أن لديه نية حقيقية لخوض الحرب مع إسرائيل،  ويبدو انه استجاب لوجهة نظر عبدالحكيم عامر بأن «التهويش» بالحرب سيجبر إسرائيل على سحب قواتها «غير الموجودة أصلاً» من الحدود السورية، فأرسل «عبدالناصر» تعزيزات عسكرية إلى سيناء، ثم طلب بسحب قوات الطوارىء الدولية فى غزة، حتى انتهى بقراره الكارثى غير المحسوب بغلق ممر «تيران» أمام الملاحة الإسرائيلية، والذى اعتبرته إسرائيل بمثابة إعلان حرب مصرية ضدها، لأنه يهددها بالانهيار خاصة وانها تستورد 70% من احتياجاتها البترولية من إيران من خلاله، فشلت الحرب فى 5 يونية 76 واستطاعت إلحاق الهزيمة بثلاث دول عربية مصر وسوريا والأردن فى 6 ساعات، بسبب حسابات «عبدالناصر» الخاطئة، والذى يتحمل وحده بنظامه السياسى غير الديمقراطى الذى احتكر من خلاله كل السلطات!

الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب انه يقدم قراءة جديدة على المكتبة العربية لأسباب هذه الهزيمة المروعة، والتى أسست لحالة من الهوان العربى استمرت إلى الآن، دون أن تفلح انتصارات أكتوبر فى تجاوزها لأسباب عديدة قد لا يكون المجال متاحا لمناقشتها الآن، كما يكشف الكتاب أيضاً الطريقة المشوهة التى  تصدر بها القرارات السياسية الكبرى فى العالم العربى، التى أدت إلى هزيمة يونية، وأشعلت حربى الخليج 1991 و2003، والتى أسفرت أيضاً الأوضاع المتردية فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، وإلى الاوضاع الاقتصادية مزرية فى معظم الدول العربية، رغم امتلاكنا لثروات بشرية وطبيعة هائلة.