رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فين؟

 

 

يعرف كثيرون أول رائد فضاء أمريكى وهو أرمسترونج، كما يعرفون أول رائد فضاء روسى وهو جاجارين.. ولكن لا يعرف كثيرون أول رائد فضاء عربى.. بل ربما لا يعرف الجيل الحالى أن العرب أيضاً ارتادوا الفضاء، وأن أول رائد فضاء عربى هو الأمير سلطان بن الملك سلمان.. وكان من حسن الحظ أن ألتقى به فى صالون «رياض النيل»، عندما تلقيتُ دعوة كريمة من سعادة السفير أحمد قطان!

وكان الصالون فوق العادة لضيف فوق العادة أيضاً.. وفوجئنا بأن منزل السفير قد تغير، وأن الصالون غير أى صالون حضرناه.. فالحضور مختلف كماً ونوعاً.. والأعداد كانت لافتة لدرجة أنه أضاف حوالى مائة مقعد، فتحول الصالون إلى «منتدى ثقافى».. أما الضيف فكان بسيطاً هادئاً، وكان عنده حلم.. فكما كان يحلم بارتياد الفضاء، كان يحلم بأن تتحول السعودية إلى الحداثة مع احتفاظها بالأصالة أيضاً!

فلم يحك الأمير سلطان لنا عن تجربة الفضاء، لأن موضوع الصالون كان عن السياحة والتراث، باعتباره أحد التنويريين العرب.. فهو يمتلك خبرة أصيلة فى الطيران المدنى والعسكرى، ولكنه كان يحلق بعين الطائر أيضاً فوق شبه الجزيرة، كباحث اجتماعى أصيل، حصل على الماجستير فى العلوم الاجتماعية والسياسية من أمريكا.. وكان يرى أن الجزيرة لم تنشأ من «فراغ» قبل الرسالة المحمدية!

وقد كنت أستمع إليه بعناية، وهو يتحدث عن الجزيرة فى عصر ما قبل الإسلام.. فكثيرون يعتقدون أن العرب لم يكونوا شيئاً قبل الإسلام والرسالة المحمدية.. بالعكس كانت هناك حياة ثقافية متكاملة.. والأمير سلطان يحاول الآن تأصيل هذا التراث الإنسانى فى الجزيرة العربية.. وقد أصبح مهموماً بالسياحة والآثار.. وأرجو أن تلاحظوا المعنى.. والسؤال: كيف يحدث هذا فى مجتمع يعتبر الآثار من «الأصنام»؟!

وفى الحقيقة لا تجد الرجل مختالاً بمكانته الاجتماعية أبداً، ولا حتى عنده شعور بالعظمة لأنه أول رائد فضاء عربى.. مع أن الذين يمرون «ترانزيت» فى بعض دول أوروبا، لا تستطيع أن تتكلم معهم!.. هذا نوع من الرجال رأى بعينه كل شيء على الأرض، فكان حلمه أن يرى ماذا على سطح القمر؟.. ثم عاد بنفس الروح.. هادئاً بسيطاً خفيض الصوت وهو يتكلم، لدرجة أننا طالبناه «مرات» بأن يرفع صوته!

وبالطبع فقد حاولتُ أن أربط بين الفكر الحداثى لدى الأمير سلطان، ودور السياحة والآثار كوسيلة لنسف المفاهيم القديمة، وتحطيم الفكر الداعشى، وبين ما يفعله الأمير محمد الآن فى منظومة التغيير.. فوجدتُ أنهما ينزعان من قوس واحد.. فالسعودية الآن تجرى بسرعة الصاروخ للحاق بالعالم المتمدين.. وتفتح أبوابها للتحديث والتطوير فى العلوم والفنون المختلفة وعلى رأسها السينما والمسرح والغناء!

وأخيراً، فالآثار ليست «أصناماً» كما يرى الدواعش.. والسياحة ليست حراماً.. والنقاب والإسدال ليسا لباس المرأة السعودية.. هذه نغمة تغيير تجتاح السعودية الآن.. فقد قال الأمير محمد ما معناه «لم تكن السعودية كذلك قبل ثلاثين عاماً.. ويجب تدمير التطرف فوراً».. ولو نجح فستمتد «العدوى» للعرب!