رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فين؟

 

صفق الحاضرون فى افتتاح المزرعة السمكية ببركة غليون بحماس شديد، حين قال الرئيس «محدش يقدر يمس مياه مصر».. وكل واحد ذهب بخياله إلى بعيد.. مصر سوف تقطع اليد التى تلعب فى النيل.. مصر هتحارب ولن تعطش.. الرئيس يبعث بالرسالة إلى اثيوبيا.. الأسلحة التى اشترتها مصر سوف تضرب السد.. مع أن الرئيس يتكلم عن ثوابت.. ومع أن هناك مهمة على عاتق الجميع قبل أن يصفق!

فالرئيس لم يكن يهدد اثيوبيا.. ولم يكن يكشف عن عين حمراء للمتلاعبين فى النيل فقط.. كان يطمئن الشعب المصرى أنه سوف يستنفد كل الوسائل ليحافظ على حصة مصر فى النيل.. أكثر مما يلوح بالحرب طبعاً.. أليس هو الذى أوفد وزير الخارجية سامح شكرى لطرح الحل السياسى لدول مجلس التعاون؟.. أليست قيمة مصر انها لا تمارس العدوان بقدر ما تقدم نفسها كدولة «متحضرة» عبر التاريخ؟!

للأسف، لا يقرأ البعض تصريح الرئيس جيداً.. فقد قال «مياه مصر موضوع مفيش فيه كلام، وأنا بطمنكم ما حدش يقدر يمس مياه مصر، وإحنا اتكلمنا مع أشقائنا فى السودان وإثيوبيا عن عدم المساس بالمياه، كما تم الاتفاق على ٣ عناصر، أهمها أن تنمية المجتمع الإثيوبى يقابلها حق الشعب المصرى فى الحياة».. إذن هى رسالة طمأنة فقط، ومفاوضات مع أشقاء على الحق فى الحياة هنا وهناك!

ولكن الذين صفقوا بحرارة لم يستوعبوا الجزء الآخر من المشكلة.. مشكلة المياه مشكلة داخلية أيضاً.. ولابد من تغيير استراتيجية الرى فى مصر.. ولابد من التعامل بشكل «عاقل» مع المياه.. والجملة الثانية بعد الطمأنة كانت بالحرف «استخدام مياه تفيض عن الحاجة فى زراعة الأرز يعد هو الآخر مساساً بحصة المياه، وأى تجاوز يكون فى حق الشعب».. المشكلة إذن لها شقان «خارجى وداخلى»!

فلا يقصد الرئيس توجيه ضربة.. ولا يقصد الرئيس هدم السد.. ولا يقصد إعلان الحرب.. لكن لا يعنى أنه يتفرج أو يرضخ لأى عبث.. افهموا الرسالة على هذا النحو.. قيمة مصر أنها لا تعتدى.. وقيمة مصر أنها لا تسكت على عدوان.. ولكن قبل كل هذا، لابد من تغيير طرق الرى والبحث عن بدائل.. لابد من زراعة أصناف موفرة للمياه، لابد من إحياء مشروعات التكامل الاقتصادى، خاصة مع السودان!

والغريب أنه فى غمرة الحماسة والتصفيق وسخونة الأجواء، نسى الجميع الجزء الآخر من الرسالة.. خلاص حصلنا على المانشيت.. «لا مساس بالمياه».. «محدش يقدر يمس مياه مصر».. اى شيء بعدها تفاصيل.. ولو أن الرئيس بدأ بالجزء الثانى لكان قد ترسخ فى الأذهان ان هناك مشكلة استخدام فى مصر.. من أول فتح الحنفيات عن آخرها إلى رش الشوارع، إلى الرى بالغمر، إلى بهدلة النيل فى مصر!

أليس عجيباً أننا ثُرنا بسبب «دعابة فارغة» لمطربة البلهارسيا.. أليس عجيباً أننا طالبنا بمحاكمتها لأنها لسّنت على النيل، وقالت إنه بيجيب بلهارسيا.. مع أن هؤلاء الذين ثاروا لا يحترمون النيل، ويجعلونه مقبرة للحيوانات والنفايات.. المطلوب «وقفة مع النفس» قبل أن «نصفق» أو «نثور»!