عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا شك أن كتابة تاريخ الأمم عمل حضارى مهم، يهدف فى المقام الأول إلى تعريف الأجيال الجديدة حقيقة مراحل تطور الدولة سواء على مستوى التطور الاقتصادى والسياسى والتقنى والتكنولوجى أو على مستوى التطور فى الشخصية المصرية من حيث الطبائع والأخلاق، بالإضافة إلى أهميته فى نقل تجارب وخبرات الشعوب عبر أجيال ماضية للاستفادة بها أو تطبيق تجاربها وتبنيها.

فالأمة التى تُوثق أحداثها الماضية لكى تستلهم العظات والدروس المستفادة، مع محاولة تجنب الوقوع فى نفس الأخطاء السابقة فى حاضرها ومستقبلها، أمة واعية، متطورة قادرة على مواجهة الصعاب والتحديات.

ولكن تبقى كتابة التاريخ فى النهاية عملا بشريا خالصا يقوم به ويخرجه لنا بشر، لهم انتماءات ومشاعر واعتقادات وأفكار وآراء، فالوصول إلى الموضوعية المطلقة، أمر بات فى غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.

ولا يزال التساؤل مطروحاً!!

من يكتب التاريخ؟ وما المعايير التى تؤخذ بعين الاعتبار فى كتابة التاريخ؟

وهل يلتزم الكاتب بالمنهج التاريخى المعترف به علمياً فى استجلاء الحقيقة والكشف عن مصادرها وأدلتها؟

هل يذكر المؤرخ أو الكاتب الحقيقة فعلًا؟ فمن المعروف أن للحقيقة وجوهًا عديدة.

هل يتحرى كل جوانب أو زوايا الحقيقة ويكشفها للقارئ بلا تزييف أو مبالغة وتهويل؟

هل تتوفر المصداقية فى بحثه أو كتاباته؟

هل يُنحِى الكاتب أيديولوجياته الثابتة وتحيزاته العاطفية وانتماءاته السياسية الراسخة وقت كتابته الحقائق التاريخية أو حتى فى سرده للشخصيات التاريخية؟

هل يذكر المؤرخ كل الأحداث التاريخية، سواء كانت انهزامات أو انتصارات، السلبيات جنباً إلى جنب مع الإيجابيات، العيوب بالإضافة إلى المزايا؟ أى أن يكون عرضه شاملا لكل زوايا الحدث مع تحليل المسببات والنتائج للوصول إلى أدوات كشف الحقيقة بموضوعية مطلقة.

هل تُترك كتابة التاريخ لكل من هب ودب من غير المتخصصين؟ فكتابة التاريخ فن له أصوله ومنهجه العلمى المعتبر. هل يترك أى شخص أيا ما كان، ينشر أفكارا ومعتقدات غريبة ومغايرة لما استقرت عليه ذاكرة الأمة عبر سنوات؟ 

لذلك أرى أن تُسند عملية كتابة التاريخ إلى لجنة مشتركة مكونة من أساتذة الكليات وكبار الكتاب والمثقفين يتم اختيارهم بتأنٍ، وأن يكونوا ثقات عدولا من أهل الخبرة والكفاءة والعلم، المشهود لهم بالنزاهة والإنصاف، وأن يستخدموا المنهج التاريخى العلمى فى عملية كتابة التاريخ من حيث جمع المعلومات والأدلة وتحرى الصحيح فيها من الكاذب.

وأيضاً أن تُعرض الأحداث فقط للقارئ وتُسرد له سرداً، دون ذكر الرأى أو التعليق عليها، أمّا أن تطلب وضع التعليق أو الرأى، يُنشر ذلك فى كتب أخرى تحمل اسم الكاتب بعينه صاحب الرأى أو التعليق وأن يتم فصل الحياة الشخصية للأفراد، عن عملية الكتابة، فالتعريض والتشهير ونشر الفضائح لن يفيد القارئ فى شىء.

أما فى حالة إذا اكتشف الكاتب أو المؤرخ فجأة معلومة جديدة مستحدثة مختلفة عما ذُكر فى ذاكرة الأمة من أحداث موثقة، فعليه أن يذكر لنا الدليل الفعلى الذى يدعم ويؤكد لنا صحة كلامه.

كل ذلك بهدف الوصول إلى حلم الموضوعية المنشود فالإنصاف عملة نادرة فى زمننا هذا.

[email protected]