رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر الإسلامية

لعل أروع تصوير لأهل الجاهلية، ما قاله جعفر بن أبى طالب للنجاشى حاكم الحبشة «كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء إلى الجار، ويأكل القوى منا الضعيف، ثم هو يتكلم عن أثر الإسلام».. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعنا إلى الله لنوحده ونبعده ونخلع ما كنا نبعد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنا به.

لقد عاش العرب إبان الجاهلية فى قيود النظم القبلية فى أقصى ما وصلت إليه مع المجتمعات البشرية القديمة، وأنه برغم الصورة القاتمة التى رسمها المؤرخون عن حياة أهل الجاهلية فإنهم من ناحية أخرى كانوا أهل مروءة، ببذل العربى نفسه للدفاع عن كرامته وشرفه، ويقدم جميع ما يملك لإكرام ضيفه وإيواء من لجأ إليه واستجار به، وجاءت عصبيتهم منبثقة من النظام القبلي الذى خضعوا إليه ومن هنا كان العربى يفاخر بنسبه ويتعصب لقبيلته وينصر أخاه ظالماً كان أو مظلوماً.

وفى ظل ذلك النظام كانت القبيلة هى «الوحدة السياسية» وكل قبيلة تعيش في معزل عن القبيلة الأخرى، ويعيش أفرادها فى تضامن مستمر فى الحق والواجب، طبقاً للمسئولية الجماعية لكافة أفراد القبيلة.

والذى يهمنا أن يقرره هنا أن قبائل العرب كانت تعيش فى ظل نظم سياسية مختلفة تمام الاختلاف، ومتباينة تماما من حيث طبيعة هذه النظم من قبيلة لأخرى ومن زمن لآخر.

وجاء الإسلام وكان له الفضل الأسمى فى توحيد قبائل العرب فى ظل نظام سياسى واحد هو نظام الشورى وما تفرع عنه من نظام البيعة، وفى إيجاز خلق الإسلام للعرب حياة سياسية منظمة وجعل لهم دولة لها كيان سياسى.

ولما كانت الرابطة قوية بين النظم السياسية والقانونية، فقد كان للوضع الجاهلى أثره على الحالة القانونية فى شبه الجزيرة العربية، فلم تكن النظم القانونية والحالة هكذا قائمة على شريعة متجانسة بل على خليط من عناصر متنافرة بعضها يرجع إلى عادات وتقاليد عربية خالصة تختلف بالضرورة من قبيلة إلى أخرى، والبعض الآخر يمتص وجوده من الشرائع التى سادت فى ذلك الحين وأهمها الشريعة الموسوية والساسانية.

ونفس التباين نجده بالنسبة لنظام الأسرة والنظم الاجتماعية بصفة عامة فهى تختلف من قبيلة لأخرى تمام الاختلاف، وتأخذ هذه النظم فى كل قبيلة صورة اجتماعية تلتقى مع اعتبارات خاصة بهذه القبيلة أو تلك كعادات الزواج أو الطلاق، وتعود الزواج وحقوق كل من الرجل والمرأة، وكان التباين واضحاً كذلك بالنسبة لهذه النظم فيما يتعلق بأهل الحضر والمدن والجهات التى كانت غنية بثرواتها الزراعية.