عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

هذه الدنيا

أتاحت لى ظروف عملى الصحفى أن أطوف العالم شرقاً وغرباً.. زرت شعوباً كثيرة.. وأطلعت على عاداتهم وتقاليدهم.. عشت بينهم.. وتناولت طعامهم، وسرت فى شوارعهم.

والسفر للخارج مسألة لا غنى عنها لأى صحفى، فالكتابة عن تجربة عشتها أفضل من الكتابة عن تجربة سمعت عنها.. وليس من رأى كمن سمع.

والملاحظة الواضحة فى تجارب الشعوب من أقصى جنوب شرق آسيا إلى وسط وغرب أوروبا.. تكمن فى تعزيز ثقافة استخدام وسائل النقل العامة، فلا أحد يذهب إلى عمله بسيارته الخاصة.. حيث يقتصر استخدامها على رحلات الأسرة.

فى العاصمة الفرنسية باريس رأيت 14 خطاً لمترو الأنفاق، تعمل بكفاءة وتتكامل فى خدماتها مع غيرها من المواصلات العامة.

وفى أندونيسيا يحترمون أتوبيس النقل العام، ويخصصون له مساراً فى شوارع العاصمة جاكرتا وغيرها من المدن..

أما الحال عندنا فى مصر، فهو أمر لا يعبر عن دولة تواجه تحدياً اقتصاديا واضحاً.

لقد ظلت السكك الحديدية على مدى عشرات السنوات هى الوسيلة الأكثر أماناً ورقياً وتوفيراً لملايين المواطنين.. ولا أعرف ماذا حدث لهذا المرفق الحيوى منذ حادث الاسكندرية الأخير.

لقد قال وزير النقل كلاماً كثيراً يكشف عن انه يفتقد الحد الأدنى من المعرفة بهذا المرفق الذى يتم تعطيله حالياً بفعل فاعل، أو لغرض ما حتى يصل الرأى العام إلى نقطة يتم عندها قبول أى إجراء يتم تدبيره.

الوزير لم يتحر الصدق حين زعم أن «السكة الحديد» لم تشهد تطويراً منذ عام 1967، لأننى وغيرى من ملايين المصريين نشهد على أنها شهدت خلال السنوات الماضية تغييراً شاملاً فى عربات وجرارات قطاراتها، وأغلب مزلقاناتها.

والوزير لا يعبر عن الحقيقة حين يختزل المشكلة فى نقص الامكانيات، وحين يزعم أن الرقم المطلوب عشرات المليارات، لأن من يرى عمليات «الفشخرة» وتكسير وإعادة بناء محطات سليمة 100% وبلا  أدنى مبرر لا يشك لحظة فى أن وزارة النقل لديها فوائض مالية لا تتوافر لدولة غنية مثل فرنسا وجدنا فيها محطات أقدم مما هى فى مصر ويستخدمها المواطنون بلا أى تبرم طالما تؤدى الغرض.

أما الجريمة الكبرى التى تحدث حاليا فهى سور «الصين العظيم» الذى يجرى تشييده بطول شريط القطار وإهدار عشرات الملايين من الجنيهات فى تشييد سور ضخم أقيمت له قواعد مسلحة وأعمدة خرسانية لا تستخدم إلا فى تشييد ناطحات السحاب.. والأدهى والأمر أن هذا السور لا يحقق أى غرض من بنائه حين نجده يشق مناطق لا تلمسها قدم إنسان، وهو ما تنتفى معه فكرة أنه يستهدف حماية الناس أو منعهم من عبور شريط القطار.

ما يحدث داخل السكك الحديدية نموذج فج لإهدار المال العام الذى يستحيل معه تصديق فكرة أنها تعانى من نقص امكانيات.

نحن أمام عملية مراوغة واضحة للتعتيم على شئ ما يجرى الإعداد له.. فالمتهم فى حادث الاسكندرية وما تلاه من حوادث تثير الشك فى تواترها ليس نقص الامكانيات، ولا منظومة الإشارات والمزلقانات..

هناك رائحة كريهة.. وشىء ما يدبر فى الخفاء.. ارفعوا ايديكم عن مواصلات الغلابة.

[email protected]