رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضربة قلم

 

من منا لا يعرف شارع أحمد حلمى فى حى شبرا؟.. ومن منا لم يستقل إحدى الحافلات من موقف أحمد حلمى متجهًا إلى بلدته زائرًا أو عائدًا من غربة؟.. ومن منا لم يسمع المطرب الشعبى فى حقبة السبعينيات من القرن الماضى وهو يغنى «أحمد حلمى اتجوز عايدة كتب عليهم الشيخ رمضان» ثم رد عليه مطرب آخر بأغنية «إشاعات إشاعات أحمد حلمى وعايدة اخوات». فمن هو أحمد حلمى وما هى حكايته التى لا يعرفها الكثيرون من المصريين؟. هو تعلم فى مدرسة الحسين ثم عمل كاتبًا فى مركز دمنهور وبعد ذلك أدى امتحانا فى نظارة (وزارة) المالية وبعد نجاحه عمل فى مأمورية سيوة ومكث بها وقتًا إلى أن استقال وعاد كاتبًا بدمنهور. ولما أُنشئت جريدة اللواء ظل يعمل بها حتى وفاة الزعيم مصطفى كامل. كان المحرر الأول فى اللواء طول حياة مصطفى كامل الذى كان يترك له إعداد الحملات الكبرى ضد الاحتلال الإنجليزى وأهمها حادثة دنشواى عام 1906. وكان أحمد حلمى يأمل بعد وفاة الزعيم أن يحل محله فى رئاسة تحرير اللواء إلا أن الزعيم محمد فريد فضل عليه الشيخ عبدالعزيز جاويش الذى كانت ميوله تتفق مع ميول الزعيم الجديد. فقدم أحمد حلمى استقالته من اللواء وأصدر جريدة «القطر المصرى». ورغم ان قيادات الحزب الوطنى لم يعترفوا بأن هذه الجريدة تعبر عن آرائهم وحزبهم إلا أنه ظل ملتزمًا بمبادئ الحزب الوطنى حريصًا عليها قدر حرص الآخرين. فى تلك الأثناء وبعد وفاة مصطفى كامل جرت فى النهر مياه كثيرة وتبدلت الأحوال فقد غدت العلاقة بين الخديو عباس حلمى الثانى والسير الدون جوست المعتمد البريطانى الجديد على أفضل ما يرام عكس ما كانت عليه العلاقة بين الخديو والمعتمد اللورد كرومر. وعندما كلف الخديو بطرس باشا غالى بتشكيل الوزارة شنت جريدة القطر المصرى ضده حملة شعواء باعتباره كان رئيس المحكمة المخصوصة التى حاكمت المتهمين فى حادثة دنشواى. حاول القصر استمالة أحمد حلمى فدفع إليه أحمد بك شوقى رئيس قلم الترجمة الذى أخبره باشتراك المعيّة السّنية فى الجريدة وكان يسهر معه ويوصله بسيارته إلى منزله ليلاً ويرافقه فى الحفلات التى كان يحضرها ولما حاول إقناعه بمهاجمة الحزب الوطنى والجرائد المؤيدة له رفض «حلمى» رفضًا قاطعًا ما جعل القصر يلجأ إلى حيلة أخرى وهى الزج بإحدى السيدات المشهورات بالشعر إليه ودعته لملاقاة بعض سيدات المجتمع لمحاولة إقناعه بما فشل فيه أحمد بك شوقى وكان الرفض للمرة الثانية. واشتدت حملاته الصحفية بعد ذلك على الخديو وتحالفه مع المعتمد البريطانى الجديد فكتب مقالًا انتقد فيه زيارات السير أوجست المتكررة إلى قصر عابدين وأنهى مقاله بنصيحة قدمها للمعتمد البريطانى بأن يعيش فى قصر عابدين حتى لا يتحمل خسارة الذهاب والاياب بين عابدين والدوبارة. ثم أعاد نشر عدة مقالات سبق نشرها بجريدة «العدل» التركية تهاجم فيها عائلة محمد على والخديو عباس حلمى واتهمتهم بالتبذير وعداوتهم للمصريين وتسليم مصر للانجليز ما اعتبرته الحكومة مساسًا بالجناب العالى وأصدر مجلس النظار قرارًا بتطبيق قانون المطبوعات وتمت احالة أحمد حلمى إلى النيابة التى اتهمت الصحافة بأنها وبال على الأمة إذا لم تؤدِ وظيفتها على الوجه الصحيح واتهمت الجريدة بأنها تعدت حدود الأدب ووجهت إلى أحمد حلمى تهمة العيب فى ذات ولى الأمر والتطاول على مسند الخديوية. وتم نظر القضية أمام محكمة السيدة زينب فى الخامس من ابريل عام 1909 وسط حراسة مشددة ولم تفلح محاولات أحمد بك لطفى فى الدفاع عن أحمد حلمى حيث قضت المحكمة بحبسه عشرة شهور حبسًا بسيطًا وتعطيل جريدته مدة ستة شهور وإعدام كل ما ضُبط ويُضبط من العدد( 37) من الجريدة وكفالة ألف قرش «ما يساوى عشرة جنيهات» لإيقاف التنفيذ. ودخل الرجل محبسه وعاود الكتابة بعد اعادة صدور الجريدة ليواصل هجومه على الخديو ما دعا الحكومة بعد استئذان المندوب السامى إلى اغلاق القطر المصرى نهائيًا.. تلك قصة أول مصرى وأول صحفى منذ 108 أعوام يتم حبسه بتهمة العيب فى الذات الملكية وعلى أى نحو من الأنحاء لم تتوقف محاولات حبس الصحفيين سواء بتهمة العيب فى ذات أفندينا أو ذات رئيسنا.