رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فين؟

 

 

نوعان من الأصدقاء لا تنساهما أبدًا، مهما تمر سنوات العمر.. أصدقاء ورفقاء الجيش، ورفقاء رحلة الحج.. وفتش فى ذاكرتك الآن، فسوف تجد ما أقوله صحيحًا.. مهمة الجيش مقدسة، ومهمة الحج مقدسة أيضأ.. وفى مثل هذه الأيام كان صديق رحلة الحج الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان، ورئيس بعثة الحج هذا العام.. ومنذ قضينا معًا ساعات طويلة على عرفات، وله عندى «خصوصية» شديدة!

وكنا فى خيمة واحدة، لا تسمعه إلا وهو يلبى، ويقرأ القرآن ويصلى.. وكان يجتهد فى العبادة، ويمشى مسافات طويلة، لا يتألم ولا تفارقه الابتسامة، ومعه السيدة حرمه.. والآن ذهب للحج رئيسًا للبعثة.. لا ينشغل بنفسه، وإنما ينشغل بهموم الحجاج المصريين كأمير للحج.. وأنا أظن أنه من الشخصيات التى تحب أن تنجح فى مهمتها، دون أن تبدى أى ضجر.. ولذلك «نجح» كوزير، وسينجح كأمير للحج!

ومن الأشياء التى لا تنساها فى الجيش أيام مركز التدريب وأول إجازة، ورفيق الخيمة.. أيضًا من الأشياء التى لا تنساها فى الحج أول مرة تدخل المسجد النبوى والروضة الشريفة، قبل ان تذهب إلى مكة، وتصافح عينك الكعبة لأول مرة، ثم تتسلل لتقبل الحجر الأسود.. شيء مذهل.. إنها المرة الأولى التى لا تخلو من الدهشة والصدمة.. أعرف زميلًا حين رأى الكعبة «أول مرة» كاد «يُغمى» عليه فعلًا!

ولا أنسى موضوعات كتبتها من الأراضى المقدسة.. منها: هل يحج «الليبراليون»؟.. كان ذلك عام الإخوان.. فقد كانوا يروجون أن الليبراليين «كفار»، وهم الذين يزوّجون الرجال من الرجال، والنساء من النساء.. وكانوا يستغلون أميّة الناس.. على طريقة إنت ديمقراطى، يا نهار اسود؟!.. وأيضًا «حوار على جسر الجمرات».. وكانت تتجلى فيه دهشة الحاج.. وبالمناسبة لا أفقد الدهشة أبدًا بفضل الله!

ولكن هناك خفة دم يتمتع بها المصريون فى الحج، رغم قداسة الرحلة.. فأنت مثلًا تجد عند رمى الجمرات شباشب وأحذية، وزجاجات المياه أيضًا.. ويحكى أن أحد جنود الحرم رأى سيدة تفعل هذا، فقال لها ما يجوز، قالت له إنت مالك وهو كان قريبك؟.. ويُحكى أيضًا أن حاجة مصرية رفعت بنتها للسماء وقالت: يا رب جوّزها.. فلما وجدت الحجاج مثل السيل العرم، نظرت للسماء وقالت: سيبك منهم خليك معايا!

وفى أحد الأعوام كنا وفدًا من الصحفيين فى البعثة الرسمية.. وفى وقفة عرفات جلسنا نقرأ القرآن ونصلى ونبتهل.. أحد الزملاء يُخرج يده من ثقب الخيمة ويدعو واقفًا.. وهنا شددته برفق، وقلت له: ادع وأنت جالس، ربنا موجود فى الخيمة.. فابتسم وابتسمت.. طبعًا خيمة عرفات غير خيمة الجيش.. وكلاهما له خصوصية.. فى «خيمة الحج» تلبس رداء الموت، وفى «خيمة الجيش» تستعد للشهادة والموت!

وما دمنا نتذكر، فلا أحد ينسى كيف فاز بدخول الروضة الشريفة، وتقبيل الحجر الأسود.. هناك كرامات فعلًا.. ومنها أن تجد الطريق سهلًا كأنه «مفتوح» لك وحدك.. وأكثر الناس حظًا البسطاء، الذى لا يجد ما يقوله.. مثل هذا الحاج الذى قال لإبليس «أنا لا جاى أضربك ولا أشتمك.. بس سيبنى فى حالى، وحاسيبك فى حالك»!