رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

جاء فتح مصر إثر تخطيط حكيم فى نطاق نشر الدعوة الإسلامية، تلك التى كان من أهم سماتها العالمية، فإذا صعدت روح النبى العظيم -مؤسس الدولة الإسلامية- كريمة إلى رحاب ربها، وكانت الجزيرة العربية قاطبة، بعشائرها وقبائلها ومدنها قد اعتنقت الإسلام ديناً، وآمنت فى الوقت نفسه بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

وإثر وفاة النبى مباشرة، وفى عهد خليفة المسلمين أبى بكر الصديق، بدأ المسلمون العرب يوجهون مجهوداتهم لنشر كلمة الإسلام -فى نطاق المنشور الإسلامى الذى أعلنه النبى- فما كان منهم إلا أن دخلوا فى صراع سياسى وحربى ضد دولتى الفرس والروم وقاموا بطردهم من شتى البلاد التى كانت خاضعة لاحتلالهم، لقد فتح المسلمون إذن العراق وأسسوا بها مدينة البصرة (عام 636م الموافق 15 هجرية)، ثم بعد عامين (638م، 17 هـ)، أسسوا مدينة الكوفة، وكانت تلك البلاد واقعة فريسة للاحتلال الفارسى، ثم تابعوا فتوحاتهم صوب بلاد الشام التى كانت خاضعة للحكم الرومانى واستولوا على دمشق عام 635م الموافق 14هـ، وتمكنوا من وضع أيديهم على بيت المقدس عام 637م الموافق 16 هجرية، ثم يمموا وجوههم شطر مصر حيث تم لهم فتحها بقيادة عمرو بن العاص فيما بين سنتى 19، 20 هجرية (639-641). ثم واصل المسلمون فتوحاتهم حتى دانت لهم شمال أفريقيا.

وقد انضمت تلك البلاد إلى غيرها فى عقد الدولة الإسلامية الواحدة، واعتنق الناس جميعاً الإسلام ديناً، وتحدث سكانها اللغة العربية، لغة القرآن، دستور المسلمين جميعاً.

والجدير بالتنويه هنا، أن الفتح الإسلامى لم يقتصر أثره على استقبال دين بدين ولغة بلغة بل تعداه إلى النواحى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية، فلقد حلت الشريعة الإسلامية -من الناحية القانونية- محل القانون الفارسى المطبق فى العراق، وأيضاً محل القانون الرومانى الذى كان مطبقاً فى البلاد التى كانت خاضعة للحكم الرومانى ومنها مصر، ومن هنا أضحت الشريعة الإسلامية هى الشريعة العامة التطبيق بالنسبة لجميع الدول التى دخلت فى فلك الدولة الإسلامية.

وبالنسبة لمصر حدث نفس الأمر، إلا أنه فى مجال التأثير بالفتح الجديد، الذى كان له عميق الأثر بالنسبة لمصر، والذى اختلف هنا عن كل أثر تم فى عمر تاريخ مصر إثر الحكم الإغريقى للبلاد، ثم الحكم الرومانى، فقد تواترت رواية الباحثين وما تكلم عنه المؤرخون فى صدق بأنه «ترتب على الفتح الإسلامى ما لم يترتب على مثيله من الفتوحات الأخرى، إذ إنه لم يحصد قرنان على دخول المسلمين العرب مصر وإلا اندمجت الغالبية العظمى من المصريين اندماجاً وصل إلى حد الانصهار فى كيان الأمة الإسلامية العربية، وأصبحت غالبيتهم من ثم جزءاً منها أكثر التصاقاً بهيكلها من أجزائها الأصلية، فحل منهم الإسلام وحلت منهم اللغة العربية محل الروح من الجسد، وكانت النتيجة أن تم لفتح عمرو بن العاص فى مائتى سنة ما لم يتم فى حوالى ألف سنة من الفتح الإغريقى والرومانى.

والجدير بالتأكيد أيضاً أن هذا الطابع الذى اصطبغت به مصر منذ الفتح الإسلامى ظل قائماً حتى يومنا هذا، ونلاحظ أثره البارز فى دساتيرنا وقوانيننا المتعاقبة التى لا تنفك تتكلم على أن الإسلام هو دين الدولة واللغة العربية لغة البلاد الرسمية، وأن الشريعة الإسلامية مصدر رسمى وأصيل من مصادر قانوننا الحالى.