رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

قد يِصدم الكثيرون إذا قلت إنَّ حوادث القطارات فى مصر ضئيلة، وخسائرها زهيدة، وضحاياها قِلَّة تكاد لا تُذكر بجانب خسائر وضحايا حوادث الطرق.. فحوادث السكة الحديد خسائرها لا تجاوز المليار جنيه فى العام، وضحاياها بالعشرات. أما حوادث الطرق فهى مُرعبة، وخسائرها فى العام الماضى فقط وصلت إلى 30 مليار جنيه، وضحايا تلك الحوادث بلغت 18 ألفًا و646 مصابًا، و5343 قتيلاً، نتيجة تصادم 21 ألف سيارة فى 14 ألفًا و710 حوادث، خلال عام 2016.

ولا أدرى سببًا لكثرة النواح والعويل والصراخ بعد حوادث القطارات، والسكوت التام والتغاضى عن حوادث الطرق اليومية، التى وضعت مصر فى مقدمة دول العالم فى حوادث السير والتصادم.. والكلام عن حوادث الطرق قليل، واللغط والجدال وتبادل الاتهامات عقب حوادث القطارات كثير.. وبعد كل حادثة، تطفو على السطح مشكلات السكة الحديد.. وهذه المشكلات كثيرة ومعقدة ومتشعبة ومُتراكمة منذ عقود طويلة.. ولأنَّ هيئة السكة الحديد عندنا من أكبر المرافق فى العالم، وخطوطها من أطولها، فهى تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، أهملت الدولة توفيرها، لأنها تضع السكة الجديد فى ذيل قائمة الأولويات.. ولو فتحنا الباب أمام القطاع الخاص والمستثمرين، لشاركوا فى حل جزء من هذه المشكلات.

قبل سنتين تعجب وزير النقل الأسبق سعد الجيوشى من كون صاحب السيارة الميكروباص يكسب، وهيئة السكة الحديد تخسر..!! وفسَّر ذلك بأن الميكروباص له صاحب، أما القطار فلا صاحب له.

ولعل الرجل كان يُلمَّح من بعيد إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص فى ملكية السكة الحديد، أو إدارتها بأى صورة.. وذكرنى ذلك بموقف لى مع المرحوم سليمان متولى وزير النقل الأشهر، وكنت برفقته فى إحدى جولاته الميدانية لمتابعة تجديد خط سكة حديد القاهرة ـ الإسكندرية، وقتها كان يجلس مع المهندس حسين حليم رئيس هيئة السكة الحديد، والأستاذ على هاشم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير الأسبق فى عربة قطار جديدة. ونادانى ليستطلع رأيى فى العربات الجديدة التى دخلت الخدمة على ذات القطار. وقلت له: «والله أنا نفسى أجيب قطر كامل من أسبانيا، وأشغله على خط الإسكندرية فى أربعة مواعيد يوميًا، بشرط أحدد أنا قيمة التذكرة، وألتزم بسداد رسوم المرور على خطوط السكة الحديد، ورسوم التحزين والحراسة والتأمين، ورسوم الصيانة فى ورش الهيئة». فقال لى مُبتسمًا: «انت عارف القطر بكام؟!» فقلت له قبل أن ينتهى من سؤاله: «أنا عندى قيراطين أرض فى البلد، أبيعهم وأشترى القطر» وتعالت الضحكات وأخذوا كلامى على أنه مزحة» بعدها بأيام التقيت الوزير سليمان متولى فى مكتبه، ووجدته يسألنى إن كنت جادًا فى كلامى عن موضوع تشغيل قطار على السكة الحديد. فقلت له إننى ـ بالطبع ـ كنت جادًا.. وسألته: لماذا لم نفتح الباب أمام المستثمرين لتشغيل قطارات، واتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص للمشاركة فى مشروعات الهيئة وإدارة منشآتها.. هزَّ الرجل رأسه، وتكلمنا فى موضوعات أخرى. وبعد شهرين كُنَّا فى زيارة لميناء سفاجا، فقلت له إن القطاع الخاص يمتلك سفنًا ومراكب تمر فى مياه الدولة، وترسو فى موانئ الدولة، وتحصل على خدماتها من الدولة، فأين القطاع الخاص من السكة الحديد؟ قال لى فى أسى إن الدولة غير راغبة فى ذلك، وأكد أنه عرض الموضوع على مجلس الوزراء ولم يلق قبولاً.

تُرى لو أن الدولة تفهت ووافقت على ما قلته عام 1995، هل كان حال السكة الحديد قد وصل إلى هذا الحضيض؟!

 

[email protected]