رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يرتبط التعليم بالأمن القومى لأى دولة فى العالم، وذلك لأن الأمن القومى هو مجموعة القدرات والأنظمة والإجراءات التى تكفل حماية الوطن من كل ما يتهدده من أخطار منظورة أو محتملة تهدد استقراره ورفاهيته وسلامة أراضيه واستقلالية قراره، ويعتبر التعليم أحد مكونات تلك الإجراءات والأنظمة.. فإذا تعلم الطالب تعليماً جيداً قائماً على التربية التى تنمى ملكة القدرة على التحليل والنقاش والفهم، والإبداع وقبول الآخر والتعايش معه، وإبداء الرأى بكل شجاعة دون خضوع أو خنوع أو تبعية لأحد، هذا الطالب ستكون لديه أساسيات وبذور الديمقراطية والقدرة على تحمل المسئولية الفردية والاجتماعية، وسيكون قادرا على تحقيق السلام الاجتماعى فى الوطن ويؤمن العالم اليوم بأن العلم والمعرفة هما سلاح المستقبل، وأنه كلما ارتفع مستوى العلم والمعرفة لدى الدول زادتها قوة.

فآن الأوان أن يكون لمصر مشروعها الواضح والكبير للتعليم، آن الأوان أن تستثمر مصر فى تعليم أولادها بخطط واضحة وطويلة الأمد، بإصرار وتصميم لا يترك المدارس ولا المناهج ولا العملية التعليمية سوى بعد أن تحقق كل أهدافها الخاصة بالقضاء على الأمية، وخلق أجيال واعية من الطلاب المصريين، وربط التعليم بسوق العمل، آن الأوان لأن يبدأ العمل على سياسة واضحة ومحددة تضعها الدولة للعملية التعليمية، حتى لا نهدر وقت الوطن فى كل هذه المعارك الدائرة حول المناهج التعليمية أو كل هذا القلق من حال الأبنية التعليمية من مدارس وجامعات وخلافه.

وظهرت بوادر تطوير المنظومة التعليمية خلال مؤتمر «تطوير التعليم.. حلول إبداعية»، حيث كشف الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم ملامح النظام الجديد للثانوية العامة، عقب إلغاء النظام الحالى المعمول به فى المرحلة الثانوية، واعتماد النظام التراكمى، أسوة بالمعمول به فى الجامعات. وذكر أيضاً أن الوزارة تعد حاليًا نظامًا جديدًا مبتكرًا للتعليم بالتوازى مع النظام الحالى، على أن يبدأ التطبيق فى سبتمبر 2018، وتخريج أول دفعة من هذا النظام فى 2030.

مشكلة النظام التعليمى الحالى أنه يتعامل مع الطالب على أنه «حصالة للمعلومات».

ولكن يجب أن يكون دور المدرسة الرئيسى إمداد ابنائنا بالمهارات والأدوات كالقدرة على الفهم، التحليل، صناعة القرار، حل المشكلات، والعديد من اللغات، دعم الهوية، تكوين الشخصية، والمنطق المبسط، ثم يتركهم يتعلمون بأنفسهم، فالتعليم الحقيقى والمعرفة لا تكون خلال مرحلة معينة من حياة الانسان، إنما هى رحلة مستمرة مدى الحياة.

ويجب أيضاً غَرس روح الابتكار والخيال، فهناك مقولة شهيرة إن: (الخيال أهَمّ منَ المَعرفَة، فالمَعرفَة مَحدودَة بما نعرفه الآن وما نَفهَمَه، بينما الخيال يَحتَوى العالم كلّه وَكلَّ ما سَيَتم مَعرفَتَه أو فَهمَه إلى الأبد)، وبالتالى المَادّة الوحيدة التى ممكن غرس روح الخيال والابتكار عندَ الطالب هيَ مادّة الفن، وإذا أرادَ شخص أن يكون طفلَه ذكّياً عليه أن يعلّمه فَنّ الرّسم والتخطيط والموسيقى وغيرها منَ الفنون، لذلكَ على التعليم أن يجعلَ مادّة الفن جزءا لا يتجزّأ منَ الخطّة التَعليميّة.

والتربية الفنية لها علاقة قوية بالأمن القومى، لأنها تكون ضمير وسلوك مشاعر وتصرفات وأخلاق المواطن، ففى ظل غياب هذه الأشياء أصبح شكل المواطن على ما هو عليه يرفض الجمال ويتعلق بقيم القبح، وفقد كثيراً من القيم لأنه وضع فى قفص المذاكرة. لا يلعب، لا يذهب إلى متحف أو يشاهد السينما ولا يرتاد المسرح ولا يدرس الفن أو الموسيقى، فقط يفرغ طاقته فى العنف والتكسير والقفز من فوق الأسوار وتكوين العصابات المدرسية. إن مادة الفن تعلم الطلاب كيف يحلمون وكيف يبتكرون ويتخيلون.

ولا أبالغ إذا قلت إن غياب مواد الفنون يوفر ممراً آمناً للتطرف والعنف، لأن العنف إنسان فقد كل قيم الجمال وتشبع بقيم القبح والدمار والموت.

فإذا أردنا أن نحمى الأمن القومى علينا أن نهتم بتعليم أبنائنا بالطرق الصحيحة.