رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضربة قلم

 

بعد حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات حصل حزب الوفد على الأغلبية رغم أنف أحمد زيور باشا الكاره للوفد والمكروه شعبياً. وافتتح البرلمان دورته هذه فى يوم 23 مارس 1925 وكانت حفلة الافتتاح فخمة كالمعتاد. وكان رجال البوليس وقوفاً بقيادة ضباطهم على مداخل الطرق المؤدية للبرلمان لمنع الجماهير من المرور بها والحيلولة دون الزحام. وفى الموعد المحدد خرج الموكب الملكى من القصر وسار بين الجنود ولوحظ أن الهتاف كان لجلالة الملك وسعد باشا زغلول مع أن زيور باشا هو الذى كان يصحب الملك فى عربته. ورغم أن الكثير من النواب وصلوا إلى القاعة فى الساعة الثامنة صباحاً، إلا أن سعد باشا كان آخر من وصل إلى المجلس فى آخر دقيقة من الموعد المحدد وهو الساعة التاسعة والنصف تماماً وسط حفاوة من النواب وهتافاتهم وجلس فى طرف المقعد الأمامى، وبعد أن ألقى أحمد زيور خطاب العرش كان سعد باشا أول المنصرفين من القاعة بعد الافتتاح. ثم أخذ المجلس كالمعتاد فى انتخابات الرئيس والوكيلين وهيئة المكتب ونال سعد زغلول 123 صوتاً مقابل 85 صوتاً نالها منافسه على رئاسة المجلس عبدالخالق ثروت باشا. ورفعت الجلسة فى الساعة الواحدة ظهراً ثم استؤنفت فى الساعة الخامسة بعد الظهر برئاسة سعد زغلول لانتخاب الوكيلين، وبينما كان المجلس منهمكاً فى انتخاب رؤساء اللجان وهيئات المكاتب دخل زيور باشا رئيس الوزراء إلى قاعة المجلس وتلا على الأعضاء المرسوم الصادر بحل مجلس النواب للمرة الثانية، وكان سبب الحل أن الملك وحكومة زيور كانوا ينتظرون رئاسة عبدالخالق ثروت لمجلس النواب حتى يكون المجلس والحكومة «حبايب»، فلما خاب أملهم بانتخاب سعد زغلول اعتبرت الحكومة هذا الانتخاب دليلاً على اتجاه التيار فى المجلس ضدها فاجتمعت وقررت تقديم استقالتها للملك فؤاد الذى رفض الاستقالة وجدد ثقته بالحكومة وأرسل زيور باشا كتاباً إلى الملك وافق فيه على العودة للوزارة واختتمه قائلاً: إنى ما زلت لمولاى العبد الخاضع المطيع والخادم المخلص الأمين. وبمناسبة إعداد الميزانية أعلنت حكومة زيور باشا خفض مبلغ المكافأة لكل عضو من أعضاء البرلمان من خمسين إلى ثلاثين جنيهاً شهرياً بإجمالى 360 جنيهاً سنوياً بدلاً من ستمائة جنيه التى قررها برلمان الوفد بموجب قانون. كما قررت حكومة زيور خفض مرتبات موظفى مجلسى النواب والشيوخ إلى الثلثين. وكان السبب الذى أعلنته الحكومة لتبرير خفض المكافأة البرلمانية هو ترشيد النفقات ولم يكن ذلك السبب أو مبرراته صالحين للاعتداء على الدستور ولكنها المكايدة السياسية لحزب الوفد وزعيمه سعد زغلول ونواب الأغلبية الوفدية، حيث نص الدستور على: يتناول كل عضو من أعضاء البرلمان مكافأة سنوية تحدد بقانون، وهو ما تقرر بموجب قانون أصدره مجلس النواب فى أول انعقاد له بعد دستور 1923 وتم تحديد المكافأة بستمائة جنيه سنوياً ووقعه الملك ومن ثم لا يجوز إلغاؤه إلا بقانون وليس بقرار من حكومة أحمد زيور وفى غياب المجلس. وقد ثار جدل واسع حول خفض مبلغ المكافأة. واجتمع مكتب مجلس الشيوخ الذى أعلن أن القرار لم يبلغ به رسمياً وأنه اطلع عليه من الصحف واعتبر قرار الحكومة بخفض المكافأة ماساً باستقلال البرلمان ومخالفاً للدستور، وأكد أن المجلس هو الذى يقرر ميزانيته ويعين موظفيه ثم قرر إرجاء البحث فى الموضوع حتى يبلغ للمجلس بصفة رسمية. فى حين أخذ جماعة من الأعيان والنواب السابقين والمحامين يجمعون التوقعات على مذكرة لرفعها إلى الملك فؤاد يعترضون فيها على اعتداء حكومة زيور على الدستور. وبمناسبة ميزانية البرلمان فقد كان مجلس النواب برئاسة سعد زغلول أول من قرر مبدأ استقلال المجلس بشئونه العامة واختصاصه بالصرف وإمساك الحسابات غير خاضع لأية رقابة أو مراجعة من قبل سلطة أخرى. وهكذا كانت مكافآت النواب وميزانية البرلمان محلاً للجدل والمزايدة والمكايدة السياسية منذ 93 عاماً. ويحسب لأول برلمان برئاسة سعد زغلول حسم مسألتى الميزانية والمكافآت ووضع الأسس والأطر الخاصة بها وهو ما يجرى عليه العمل حتى الآن.. ولكن!