رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

جمعتنى إحدى المناسبات بالملحق العسكرى الأردنى بمصر، وهو شخص خلوق، مثقف، شديد الحب لمصر أثناء تعارفنا سألنى عن وظيفتى فأخبرته بأننى طبيبة وكاتبة صحفية، فظهر على وجهه علامات التعجب، وقال لى «كيف تكوني طبيبة وأيضاً كاتبة» ثم استطرد قائلاً: «نعم ولم التعجب فأنت مصرية»، تعجبت من كلامه وسالته ماذا يعنى بأننى مصرية؟ فرد قائلاً يوجد مثل عربى قديم يقول (مصر تكتب.. لبنان تطبع.. العراق تقرأ..).

وفسر كلامه قائلاً: مصر تكتب كناية عن الإبداع والسبق، لبنان تطبع كناية عن الحرفية والتقنية، العراق تقرأ كناية عن الثقافة، فالعراق شعب مثقف شغوف بالقراءة واشتهر عنه مكتبة بغداد العظيمة.

حينما سمعت منه هذه الجملة شعرت بتناقض كبير فى المشاعر كان أولها فخرا شديدا بكونى مصرية عربية وتعجبت هل حقاً اقتنع بموهبتى فى الكتابة دون أن يقرأ لى لمجرد أن جنسيتى مصرية؟!.. ولكننى أيضاً امتلأت بالشجن والحزن على حال العرب فأين مصر الآن من السبق العلمى التى كانت به وقتما اشتهر هذا المثل وأين لبنان الآن من الطباعة والحرفية المهنية بعد كم الحروب الأهلية التى تدور بها، وأين العراق ومثقفوها ومكتبتها.. أين العروبة التى تاهت وسط الإرهاب والحروب الأهلية والسياسة؟!

إن تدمير الحضارات هو سنة الغزاة منذ فجر التاريخ بداية من احتلال التتار لبغداد وبينما كان فريق منهم يعمل على القتل وسفك الدماء، اتجه فريق آخر إلى حمل الملايين من الكتب الثمينة وألقوا بها فى نهر دجلة، وهذا منطقى بعد أن أكل الحقد قلوبهم نتيجة للفجوة الحضارية التى عانوا منها.. فهم أمة لا حضارة ولا أصل لهم.. أمة لقيطة.. نشأت فى صحراء شمال الصين، واعتمدت على شريعة الغاب فى نشأتها.. لقد قاتلت هذه الأمة كما تقاتل الحيوانات.. بل عاشت كما تعيش الحيوانات.. ولم ترغب مطلقًا فى إعمار الأرض أو إصلاح الدنيا.. لقد عاشوا حياتهم فقط للتخريب والتدمير والإبادة.

وقد دُمرت مكتبة بغداد نتيجة لتتار العصر القديم لكننى أرى أن التتار تطور من كونه شعبا ليصبح فكرة -تتار العصر الحديث- نعم أقصد الجماعات الإرهابية التى ظهرت حديثاً هدفها الأول والأخير هو أن تعيث فى الأرض فساداً وتدمرا كل ما هو حضارى وعظيم، ونرى اكتمال الانهيار الثقافى فى العراق بانهيار مثقفيها وقرائها إذ انشغلوا بالخلافات الداخلية بين السنة والشيعة، مما أضعف الجبهة الداخلية وسمح للعنصر الأجنبى بإسقاط بغداد.

وكذلك الحال فى مصر -مصر الحضارة- الدولة الفرعونية والكتابة الهيروغليفية والطب وفن التحنيط والنقش والإعمار الهندسى الذى أعجز العالم، ثم تطورت الحضارات فى العصر اليونانى فى الفن والعلم والصناعة والتجارة. وأُنشئت الإسكندرية.. الميناء الأول فى البحر المتوسط بفضل منارتها الشهيرة، واستمر التطور الحضارى فى عصر الدولة الرومانية والعصر القبطى ثم الإسلامى ثم الأسرة العلوية، حتى توقف التطور نتيجة للصراعات السياسية الداخلية والخارجية ومن ثم محاربة الإرهاب فى العصر الحديث.

ولكن كما يقال «دائماً بعد العتمة يأتى النور»، النور قادم وأراه فى محاولات الإصلاح الاقتصادى الحالية فى مصر الذى عند تحقيقه سيوفر ميزانية للبحث العلمى واستقرارا نفسيا للشعب المصرى بعد اطمئنانه على رغيف العيش، مما يؤهله ليعاود إدراجه فى السبق الحضارى.. فلينتشر النور فى كل ربوع الدول العربية التى تضررت من النزاعات السياسية وتتار العصر الحديث (الإرهاب)..

تسلحوا بالعلم يا عرب.

العلم يرفع بيتاً لا عماد له

والجهل يهدم بيت العز والشرف