حسن الظن بالنواب إثم

عندما نظر مجلس النواب ميزانية 1927/1928 ووجد إسرافاً فى مخصصات جلالة الملك فؤاد طلب ترشيد المصروفات، وبالفعل قام الديوان الملكى بتخفيض ميزانيته بمقدار 146 ألف جنيه، ولكن اللجنة المالية رأت أن هذا المبلغ غير كاف وأن ميزانية القصر زائدة عما يتفق وميزانية الدولة وجددت طلبها بتخفيض الميزانية، وأن يعهد بأعمال السرايات الملكية إلى وزارة الاشغال.. فى ذلك العام كانت ميزانية مصر نحو 34 مليون جنيه واقترح بعض النواب خفض المكافأة البرلمانية - بدل حضور الجلسات- إلى أربعين جنيهاً وطلبوا الفصل فى هذا الاقتراح قبل الانتهاء من فحص الميزانية تمهيدًا لسياسة الاقتصاد والتقشف والترشيد التى يوصى بها البرلمان، واقترح بعض الأعضاء فى مجلس الشيوخ نفس الاقتراح، وما كاد هذا الاقتراح يعرض حتى رأى الأعضاء نظرة على وجه الاستعجال، وإحالة كل من المجلسين إلى اللجنة المالية التى بحثته لساعته وقدمته تقريرها بخفض المكافأة، ووافق مجلس النواب بالإجماع وأقره مجلس الشيوخ بما يشبه الإجماع.

وترتب على تنفيذ هذا القانون الخاص بمكافآت الأعضاء توفير مبلغ 39 ألف جنيه لخزانة الدولة، أذكر ذلك بمناسبة موافقة لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة الدكتور حسين عيسى على زيادة موازنة مجلس النواب للسنة المالية 2017/2018 بنحو 123 مليون جنيه ليصبح إجمالى الموازنة ملياراً ومائة مليون جنيه مقابل 977 مليون جنيه فى العام المالى الفائت، ويحاول بعض النواب غسل سمعتهم من شبهة الإسراف حين يذكرون أن ما يخص العمل البرلمانى فى الموازنة لا يتجاوز 200 مليون جنيه، منها 40 مليوناً مكافآت وبدلات للنواب، والفرق يصل إلى 160 مليون جنيه ففيم ينفق هذا المبلغ؟ وكم تستنزف رحلات السندباد البرلمانى من العملات الصعبة؟ وكيف يحصل نحو خمسة آلاف موظف على 800 مليون جنيه؟ وما هى خريطة المرتبات فى المجلس حيث تتجاوز مرتبات الكبار أضعاف الحد الأقصى للأجور بينما لا تطال سياسة الترشيد إلا صغار الموظفين، اخطأت كثيرًا عندما أحسنت الظن بالنواب وتوقعت أنهم سيبادرون بخفض مكافآتهم ونفقاتهم تضامنًا مع معاناة الشعب اليومية مع الغلاء، وفى الوقت الذى يوافق فيه النواب على خفض الدعم سنويًا ليصل متوسط الفرد من الدعم 1700 جنيه فى السنة يحصل النائب على نحو 330 ألف جنيه.. حقًا من الإثم أن نحسن الظن بالنواب.. يا نواب البرلمان كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون.