عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يوجد في مصر-  شأنها في ذلك شأن بقية بلدان الشرق خليط مضطرب من العادات والتقاليد تعود الي اصول متنوعه وتنتج عن اسباب كثيره أبرزها اختلاط أهل هذا البلد بكافة الأمم التي أتته  غازية أو محبة .. هكذا استهل علماء الحملة الفرنسية الفصل الخاص بعادات وتقاليد المصريين ضمن موسوعة " وصف مصر " ولعل تأمل مشاهداتهم لحياة المصريين وعاداتهم قبل أكثر من مئتي عام تدلنا اليوم علي حقيقة غريبة تقول بأن ماتغير في ثقافة المصريين قشرة خارجية ويظل المستقر منها بقاع النفوس كما هو .. والي نص ماجاء في وصف مصر عن عادات وتقاليد المصريين.

" لايمكنك أن تكشف مايعتمل في نفوس المصريين عن طريق ملامحهم ، فصورة الوجه ليست مرآة لأفكارهم ، فشكلهم الخارجي في كل ظروف حياتهم يكاد يكون هو نفسه ، إذ يحتفظون في ملامحهم بنفس الحيدة وعدم التأثر سواء حين تأكلهم الهموم أو يعضهم الندم أو كانوا في نشوة من سعادة عارمه ، ويمكننا أن نلتمس أسبابا عديده لهذا الجمود المذهل في الملامح أهمها وابرزها اعتقاد الصريين في القضاء والقدر المنتشر بين كافة الناس ، كما تعود في النهاية الي تعودهم أن يكونوا على الدوام عرضة نزوات الطغاه الذين يعم ظلمهم البلاد . في كل يوم تنشأ أخطاء وبشاعات جديده تصبح الغفلة معها بالنسبة للمصريين نوعا من الحيلة لمواجهة هذا العسف . لذا فلا ينبغي أن نبحث عن مصدر آخر لأسباب هذا النوع من التسليم المستعذب للألم الذي يميز المصريين ، فالشكاوى والصيحات أمور لافائدة منها أمام إرادة الطغاه.

ويعرف المصري كيف يمشي وقد أغضبه الألم وكيف يموت تحت عصا القواس دون أن يقول كلمه – فهذه إرادة الله ، والله أكبر والله غفور .. وتلك فقط هي الكلمات التي تأتي علي لسانه عندما يبلغه نبأ نجاح لم يكن يأمله ، وهي نفسها التي تفلت منه عندما يبلغه نبأ كارثه كبرى ألمت به. ويبدو خمول المصريين الملتصقين بمدنهم أمرا بالغ التناقض مع تقاليدنا ( تقاليد الفرنسيين ) حتى لنظنهم في البداية بلهاء أو معتوهين ، فتحركاتهم وأحاديثهم وأبسط حركاتهم بل ومسراتهم – كل ذلك يشي بعدم اكتراث مذهل . حتى تظن أن ليس ثمة في هذه الدنيا مايشغلهم إلا أن يملأوا ويفرغوا علي التوالي غلايينهم الطويله ، وتبدو مخيلتهم وكأنما قد تخدرت مثل أجسامهم لدرجة أنك تتخيلهم في حالة من التنويم ..

إن سماعهم لحكم بالموت صادر عليهم لن يكون بمقدوره أن يثير مجرد دهشتهم . وبرغم ذلك فتحت هذا القناع من السلبية الباديه علي ملامحهم يكمن خيال ملتهب ، وسوف يكون من الظلم أن ننكر عليهم كل حساسيه . فعادة الصمت تجعل أحاسيسهم على العكس أكثر حده ، كما أنها تعطي لأرواحهم دفعات من النشاط تجعلهم في بعض الاحيان قادرين على الاتيان بأفعال بالغة الجرأة . إن ملكة الانتباه والقدرة علي التذكر تذهب إلى أبعد مدى عند هؤلاء الناس الذين تخالهم غارقين في بلادة مطلقه .. "

هكذا رصد الفرنسيون عادات وتقاليد المصريين ، وأعتقد أن شيئا اليوم لايختلف عن الأمس فيما يتعلق بالخمول والاستسلام لمقادير قد تودي بهم الى التهلكة .. ولعل مشهد المقاهى المنتشرة في كل شوارع مصر المعاصره  والمكتظة بنزلائها يدلنا علي أن الدخان الكثيف بالعقل المصري لم يجد بعد طاقات نور حقيقية يخرج منها ليتمكن العقل الجمعي من التفكير والتدبير ..

[email protected]