رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

يريد لنا الدكتور عزمى بشارة أن نصدق أن إعلانه قبل أيام باعتزال العمل السياسى، هو لأسباب فكرية وأخلاقية تنطلق من رغبته فى التفرغ للبحث والإنتاج الفكرى، وبسبب نقمته على المناخ السياسى الذى يصفه بأنه قتل العقل وهمش الصراع على الحرية والعدالة، ولوث كل شىء بالطائفية والعنصرية والعنف الأهلى وسياسات المحاور والإرهاب الجسدى والفكرى!

وبعيدًا عن دعابة الحديث عن الحرية والعدالة التى لا تضحك ولا يصدقها أحد، فإن القرار هو عين العقل، لكن مبراراته الصحيحة تفتقد للضمير وللنزاهة العقلية، لأنها لا تحمل المجرمين الحقيقيين عن إشاعة مناخ الإرهاب والفوضى والدمار  فى المنطقة المسئولية ولا تشير إلى أدوارهم التخريبية، لسبب بسيط كونه أحد أكبر مستشارى هؤلاء المجرمين!!

وبعد يوم واحد تقريبًا من صحوة عزمى بشارة الأخلاقية المفاجئة، أصدر المركز «العربى للأبحاث ودراسة السياسات»- وهذا هو اسمه- الذى يرأسه فى العاصمة القطرية الدوحة تقريراً بإشرافه، يصف فيه قرار مصر والسعودية والإمارات والبحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية معها، وفرض إجراءات عقابية عليها تعزلها سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وصفه بأنه صدمة تشبه إعلان حرب. لكن المدهش أن التقرير يثبت بما لا يدع مجالاً لأى شك أن عزمى بشارة يكذب بفجور، ولم يبتعد قيد أنملة عن العمل السياسى، وما زال يمارس دوره فى تبييض وجه الأسرة الحاكمة القطرية الذى يعمل كمستشار لها، والدفاع عن سياستها الفاشلة، التى وجدت مجالاً فى الفوضى التى خلفها الربيع العربى، والتى ساهمت الدوحة فى تعميمها بدعم وتمويل تنظيمات إرهابية يصفها بشارة بالقوى الثورية، للعب أدوار أكبر من حجمها، فى تجاهل تام للواقع الذى تفرضه عليها الجغرافيا السياسية كدولة صغيرة المساحة قليلة السكان غنية بمتاجرة حكامها فى السلاح والغاز.

يرجع تقرير بشارة ما أسماه أسباب الحملة على قطر، بتميز سياساتها الخارجية منذ عام 1995 ومرونتها وتوازنها، ولا يغيب عن انتهازية التقرير وكاتبه الذى يقدم نفسه كمفكر قومى عربى، أنه العام الذى أطاح فيه عبر انقلاب الأمير حمد بن خليفة آل ثانى بحكم والده الذى كان حاكماً عروبياً بحق. ويفخر بشارة بقدرة السياسة القطرية على المناورة باسضافتها قاعدة العديد، أكبر القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة، لكنه لم يقل إنها القاعدة التى انطلق منها غزو العراق واحتلاله وقتل شعبه ونهب ثرواته والشروع الآن فى تقسيمه. كما يتجاهل فى تقريره المرونة التى دفعت الدوحة لفتح مكتب تجارى إسرائيلى بها ومكتب للعلاقات العامة تديره وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبى لفنى وثالث لحركة طالبان التى دمرت أفغانستان بدعم من تنظيم القاعدة. أما دعم هذه السياسة المرنة لتنظيمات إرهابية فى ليبيا واليمن وسوريا ومصر وغزة بالمال والسلاح، وتهديد دول الجوار وتعميق الانقسام الفلسطينى، فهذا مما يسميه عزمى بشارة أكثر الأدوار حيوية ومحورية التى تؤديها قطر وقناة الجزيرة، تماماً كأدوار فضائية العربى الجديد والجريدة الناطقة باسمها اللتين يديرهما «بشارة» بأموال قطرية لممارسة التحريض اليومى على عمليات عنف داخل مصر، وبالتالى فإن مبررات المقاطعة تبدو له واهية ومجرد محاولة سعودية وإمارتية مكشوفة لفرض الوصاية على قطر لدفعها للتراجع عن ساستها «المستقلة» خاصة فيما يتعلق بمصر وجماعة الإخوان وكأن الأخيرة لم تهدد البلدين بإرهابها.

مأساة عزمى بشارة أنه بات اليوم محاصرًا، بعد أن أدت استشارته للأسرة الحاكمة فى قطر إلى فرض الحصار عليها وعزلها، وبعد أن صار مؤكدًا لدى الدول الغربية وفريق ترامب الرئاسى، أن الدعم الذى تمنحه الإمارة للإرهاب، لا يعصف بدول المنطقة فحسب، لكنه ينتقل منها إلى دول العالم، ليكون ذلك مصدر عون ومنبع أمل فى تضافر الجهود العربية والدولية لكى تغدو مواجهة الإرهاب حرباً على داعميها بالمال والسلاح والأفكار المسمومة المأجورة ة الملفقة!.