رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أحوالنا

تتبدى حيرة الإعلام أكثر ما تتبدى فى الإجابة عن سؤال أساسى، لمن يكون الولاء؟ هل يكون الولاء للحاكم الذى يملك الكثير من الأوراق، التى تيسر للإعلام حياته وتجعله فى مأمن من غضبته؟ أم أن يكون الولاء للشعب صاحب الحق الأول فى التمتع بخدمات الإعلام وأولها حقه فى المعرفة وفى أن يعلم وأن يعلم عنه؟ أم أن يكون الولاء لصاحب رأس المال الذى يملك الوسيلة الإعلامية التى يعمل بها الإعلامى، وبالتالى تمكنه من بسط نفوذه والتأثير على السياسة التحريرية لهذه الوسيلة بصورة أو أخرى؟ أم يكون الولاء للمهنة بحيث يتمسك الإعلاميون بثوابت مهنتهم التى تقوم على قول الحقيقة والالتزام بالمبادئ الأخلاقية عند ممارسة مهنتهم التى تلزمهم بالموضوعية والنزاهة والشفافية وعرض وجهات النظر المختلفة بكل الأمانة والصدق. أم يكون ولاء الإعلامى لنفسه بحيث يتخذ قراراته والحكم على الأشياء من منظور نفعى خالص لا يقيم وزناً لأى معيار آخر. 

وتختلف الإجابة عن هذا السؤال الأساسى باختلاف الأنظمة السياسية التى يستتبعها بالضرورة اختلاف الأنظمة الإعلامية. فأنظمة الحكم الديمقراطية يتبعها أنظمة إعلام ليبرالية، تتيح الحرية الكاملة لوسائل الإعلام التى تنعم بالحماية الدستورية والقانونية مثلما هو الحال فى الولايات المتحدة حيث يمثل التعديل الأول للدستور حجر الزاوية فى فرض حرية الإعلام، بينما تتبع أنظمة الحكم الشمولية أنظمة إعلام سلطوية تتحكم فيما يقال وما لا يقال. وفيما بين هذين النظامين الإعلاميين المتناقضين نشأت أنظمة تتميز بالوسطية، أبرزها نظام المسئولية الاجتماعية الذى يُحد من غلواء الحرية المطلقة التى يدعو إليها النظام الليبرالى، بأن يضع سقفاً للحرية يتمثل فى عدم تناول الأمور التى يمكن أن تمثل ضرراً للمجتمع أو تهدد كيانه وتماسكه. كما برزت أيضاً فى المجتمعات التى تعمل جاهدة على التنمية وبناء مستقبلها نظرية الإعلام التنموى، التى تعطى الأولوية لنشر وإذاعة كل ما من شأنه دفع عجلة التنمية والتقدم، وتجنب نشر أو إذاعة الأمور التى يمكن أن تعرقل هذه التنمية أو تحد من سرعة انطلاقها.

وقد تابعنا مؤخراً انتقادات الرئيس عبدالفتاح السيسى للإعلام المصرى وخاصة الإعلام المرئى. وكان الرئيس محقاً فى انتقاده للإعلام الذى ابتعد عن المهنية وأسرف عند تناوله الأحداث الإرهابية الأخيرة فى طنطا والإسكندرية، فى تسليط الأضواء على مشاهد العنف والدماء المسفوكة بما يمثل انتهاكاً لخصوصية الضحايا ولا يراعى مشاعر أهاليهم ويقدم خدمة مجانية للعناصر الإجرامية التى ارتكبت هذه المجزرة. ولا يقتصر أمر شكوى الرؤساء من الإعلام على مصر، ففى نفس الوقت نجد أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يشكو من الإعلام الأمريكى ويتهمه بتزييف الحقائق والكذب على الجمهور. وقد تجاوز التناقض بين الرئيس الأمريكى والإعلام الحدود المتعارف عليها، إلى درجة أنه منع وسائل إعلامية من تغطية بعض أنشطة الرئاسة، ومقاطعته شخصياً للحفل السنوى الذى يقيمه المراسلون الذين يغطون البيت الأبيض، فى سابقة هى الأولى من نوعها. وتحفل صفحات التاريخ بالكثير من المواقف التى تعبر عن غضب أو عدم رضاء الحكام من وسائل الإعلام والإعلاميين. ولعل أطرف هذه المواقف ما قام به رئيس وزراء اليابان الأسبق إيساكو ساتو، الذى قامت حكوماته المتعاقبة بمهمة إعادة بناء البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، من إظهار سخطه وغضبه على الإعلام بأن حضر آخر مؤتمر صحفى له وقد جلس وظهره للصحفيين والكاميرات. وحتى فى مصر سمعنا الرئيس جمال عبدالناصر وهو يقول إنه لا يرضى عن كل ما يقوله أحمد سعيد، وهو من أهم الرموز الإعلامية فى الحقبة الناصرية. وهكذا نرى أن الإعلام الحائر هو أيضاً محير للزعماء. وليس أمام الإعلام إلا التمسك بمهنيته سياجاً يحميه من غوائل الأيام.