رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

وسائل الإعلام التى انيرت للترويج أن «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» التى أعلنتها حماس الأسبوع الماضى فى العاصمة القطرية الدوحة، هى إعلان بقطع الحركة ارتباطها بجماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، لم تفلح فى إقناع.. ليس فقط لأن الحركة التى برزت على الساحة الفلسطينية قبل نحو ثلاثين عاماً، قد ميزت نفسها عن بقية فصائل المقاومة الفلسطينية بأنها إسلامية، وأكدت فى ميثاقها أنها جناح من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، معتبرة القضية الفلسطينية صراعاً بين المسلمين واليهود، بل أيضا لأن وثيقة الدوحة لم تشر من قريب أو بعيد إلى التخلى عن جماعة الإخوان، ومن البديهى أن عدم الإشارة إلى ذلك لا يعنى بالضرورة عكسه أو أنه أضحى واقعاً. هذا فضلاً عن أن الحركة قدمت تعريفاً لنفسها فى الوثيقة الجديدة بأنها حركة وطنية فلسطينية بمرجعية إسلامية، وهو نفس المصطلح الغامض الذى طالما استخدمته جماعة الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسى لاستمالة القوى والأحزاب المدنية، والتقليل من مخاوفها من الموقف المبدئى لتلك الجماعات من مسألة الديمقراطية باعتبارها منتجاً غربياً تزامن مع ظهور الدولة العلمانية الحديثة، فكفرت من يدعون إليه ووصمتهم بالإلحاد والعلمانية، لكنها فى سياق خطابها المزدوج ومواقفها النفعية ظلت تردد أنها أحزاب مدنية ذات مرجعية إسلامية، حتى تتمكن من الصعود إلى السلطة، وما أن يحدث ذلك حتى تعتبره– كما حدث فى مصر– نصراً من الله يمنحها الحق فى التنكر لكل الوسائل الديمقراطية التى اتاحت لها  مبدأ تداول السلطة.

ومن المعروف أن حركة حماس رفضت منذ قيامها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو الانضمام إليها واصفة إياها بأنها علمانية لا تتبنى الإسلام منهج حياة.

وحين أغرى الحركة الفوز بالأغلبية فى الانتخابات التشريعية عام 2006، قادت انقلاباً فى العام التالى على السلطة الوطنية الفلسطينية لتحكم قطاع غزة منفردة، فتُضعف السلطة وتُضعف نفسها، ولم تنجح خلال عشر سنوات من حكم إمارة غزة الإسلامية سوى فى فرض الحصار على الشعب الفلسطينى، وتحويل قضيته من مشروع للتحرر الوطنى، إلى مسألة إنسانية تستجدى إغاثة الجوعى والمشردين واللاجئين والمحاصرين، وتُفشل كل محاولة للبحث عن تسوية تضمن لهذا الشعب حقه فى إقامة دولة مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما تقضى بذلك الشرعية الدولية.

وثيقة الدوحة هى جزء من المناورات السياسية  المفضوحة التى سبق لحركة النهضة فى تونس القيام بها بزعم الفصل بين الدعوى والسياسى، ومن الخطاب المزدوج لتيار الإسلام السياسى، الذى يتوجه إلى جماهيره بخطاب دعوى جهادى يقطع مع الدولة والمجتمع سعياً لدولة الخلافة التى تحل فى ظلها القضية الفلسطينية حلاً جذرياً، وخطاب آخر للمجتمع الدولى ينطوى على لغة زئبقية تقول الشىء وعكسه، وتترك مساحة فى النصوص لكى يجد كل من يريد ما يرضيه، وترسم صورة لإسلام وسطى يقبل بالسلام مع اسرائيل ويدافع عن حقوق الإنسان  والمواطنة، ويتغنى بطهارة اليد والحكم الرشيد، ويهاجم الاستبداد، وينفى ممارسة العنف، فى الوقت الذى يحافظ على علاقات وثيقة مع الجماعات التى تمارسه، بهدف تقديم نفسه كضمانة للاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط  الملتهبة، التى غدت تحفل بمصالح جمة للقوى الغربية.

لا تقبل وثيقة الدوحة بالمبادرة العربية التى تقوم على مبدأ التسوية مع إسرائيل مقابل الأرض والتطبيع معها، لأنها لا تعترف بإسرائيل، وعلى عكس ما تتوهم حماس، فإن هذه الوثيقة ستفتح الباب لمزيد من الضغوط عليها، فموازين القوى الدولية والإقليمية لن تسمح لها بأن تكون الطرف الفلسطينى المفاوض الوحيد بديلاً عن منظمة التحرير كما تحلم، كما أن تصاعد المطالبة بالتصدى للإرهاب الجهادى، لن يمكنها مرة أخرى من الانفراد بحكم غزة!