رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الغباء أخطر من الجهل، وأشد قسوة من الموت، وأنبل من الحسد، وأرحم من الحقد، وأكثر اتساعاً من الصحراء، يتمرغ فى ردهات وقاعات مجالس الحكم ودواوين الموظفين وعلى الأرصفة وزحام الطوابير، ينام فى فراغ الوقت، ويعشق تكرر الكلام والثرثرة غير المجدية، وأجمل ما يميز صاحبه– راحة باله لأنه يفهم ما لا نفهم، ويؤمن ويقتنع بما لا نؤمن ونقتنع به.

وأنا هنا أتحدث عن الغباء المكتسب وليس الفطرى، هذا الغباء المنتشر فى كل شيء حولنا، هذا الغباء الذى يؤدى إلى سوء التكيف مع الواقع، والتصرف– بقصد– ضد المصلحة العامة، خاصة أن الغبى يقوم بذلك متطوعًا من نفسه دون إجبار، ويشعر حينها أنه غير مرغوب فيه، وبالتالى يصبح عدوًا لمن حوله، ولا يستطيع ان يتأقلم مع ما يحيط به من ظروف جديدة، فيلجأ إلى مهاجمة أو تكرار آراء، قد تكون تخص الثابت أو التاريخ الذى ليس فيه مفر.

وتشعر أن هذا الغبى ملقن، بغبغان لا يصمت، يردد ما يسمعه أو يراه ليل نهار، دون أى تفكير، بل إنه يحاول دائمًا أن يطرح موضوعه دون أى مبرر، فتجده أثناء ندوة أدبية مثلا- وبعيدًا- عن جو الندوة، أو اللقاء، يطرح غباءه ويطلق ثرثرته، مما يجعلنا نلهث خلفه لمحاولة إقناعه أو عودتنا لما كنا فيه، وبالتالى ينجح الغبى- فى إدخالنا لفرع آخر غير الموضوع الأصلى.

إن هذا الغباء، غباء ممنهج ومدروس، وكأنه لا يستطيع أن يقول لك صباح الخير أو يبتسم فى وجهك دون أن يفكر بأى طريقه سوف يلقى فى وجهك ما سمعه أو ما سيرده اليوم.

ويعتمد الغبى على كثير من المكتسبات التى يحفظها عن ظهر قلب، خاصة من الإعلام، دون أن يفكر مرة واحدة فيما سمعه أو قرأه، ودون أن يسمح لعقله بلحظات للتفكير، فالتفكير هو عدوه الأول، وبالتالى يصبح الغبى، قنبلة متحركة، ما يكاد يجلس فى مقهى أو مكتب أو وسط أسرته، حتى يلقى بغبائه من فمه، ويصر عليه، متشبثًا بما سمعه أو تلقاه، أو شاهده، وربما يكون ما شاهده مفبرك، أو غير حقيقى، ولكنه يردده ليل نهار، وهذا النوع من البشر انتشر وسطنا بطريقة مرهقة، فلن تستطيع أن تدخل معه فى نقاش، أو تفهمه غباءه، أو تستطيع أن تقدم له البراهين الدالة على عكس كلامه.

وقد استطاعت بعض القنوات الخارجية السيطرة على فيلق كامل من هؤلاء، فلا هم أصبحوا مثل «لولى وهاردى» أو «روبرت كستليو» مما كان يجعلنا نضحك، ولكن هؤلاء العظام كانوا يتعاملون بطيبة وسذاجة وليس غباء، أو هم فى بلاهة «إسماعيل ياسين» وحسن نيته، بل هو غباء مدرب ومقصود أن ينتشر وسطنا دون أن يبحث عن برهان، وأتذكر هنا عبارة للمفكر الإنجليزى «برتراند راسل» (مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائمًا، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك)، وأخشى أن يأتى أحد الأغبياء ويخبرنى أن «برتراند راسل» كان صديقه أو أحد الشيوخ الذين يثرثرون خلفهم فى فضائياتهم.