رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

لعل البيان العاصف الذى أصدرته الاسبوع الماضى بالإجماع هيئة كبار العلماء بالأزهر على اختلاف مذاهب اعضائها وتنوع تخصصاتهم، ويقضى بشرعية وقوع الطلاق الشفوى، أن يقدم برهانا جديدا لمن تنقصه الأدلة، أن المراهنة على دور لمؤسسة الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى، وفى القلب منه السعى لاصدار قانون عصرى مدنى عادل للأحوال الشخصية، يرتقى بالعلاقات الأسرية ويحميها من عواصف التفكك والضياع، باتت مراهنة خاسرة لا محالة وجهد لا طائل من ورائه. والبيان ينطوى على منطق يحفل بالمغالطة حين يجعل مرجعيته تساوى بين العصر الحالى وبين عصر الرسول عليه السلام الذى لم يكن التدوين والكتابة والتوثيق من الأمور الشائعة به، حتى أن القرآن الكريم تم جمعه وكتابته بعد وفاته من قبل رواة متعددين. ويعلى البيان فى مجمله من التفسير الفقهى للطلاق الشفوى، كما تفهمه هيئة كبار العلماء ويضفى على هذا الفهم قدسية، برغم أنه لا يعدو أن يكون مجرد رأى لفقهاء بشر تتعدد فرقهم، وتختلف مصالحهم، وليس حكما إلهيا، على حساب المنافع العامة.

لكن أخطر ما فى البيان أنه يستخدم القوة المعنوية الهائلة للأزهر فيما يخدم قوى التشدد الدينى، والقوى السلفية المدعومة بأموال النفط،التى أصبحت هيمنتها على ساحة الفتوى، وعلى المجال الاجتماعى العام غير خافية على أحد، مع الانتشار الواسع لظاهرة النقاب لنساء من مختلف الفئات الاجتماعية، واطلاق اللحى باشكال مبالغ فيها،كما امتد نفوذهم لمعظم الهيئات التابعة للأزهر، وعلى لجنة الشئون الدينية فى مجلس النواب،التى قادت الحملة ضد الغاء نص ازدراء الأديان من قانون العقوبات، وضد اصلاحات د. جابر نصار فى جامعة القاهرة، ولمصادرة روايات نجيب محفوظ، ولتأييد ختان الإناث، كما سبق أن عارضت قانون الخلع والطفل ومحاكم الأسرة، وغيرها من القوانين التى تخفف الأعباء التى تعانى منها النساء، وتختصر مراحل التقاضى حماية لحقوق المرأة واطفالها.

وما تغاضى عنه البيان هو أن مطالبة الرئيس السيسى بالبحث عن صيغة قانونية تحد من نسب الطلاق المرتفعة فى مصر فى العقدين الآخرين، بعدم الاعتداد بالطلاق الشفهى قبل توثيقه، لكى يأخذ الطرفان فرصة للمراجعة قبل الاقدام عليه، ليست نفيا لشرعية هذا النوع من الطلاق، بل دعوة لبذل جهد فقهى خلاق ييسر اصدار قانون يقيده من أجل اصلاح خلل اجتماعى خطير كهذا، واستنادا إلى القاعدة الفقهية التى تقضى بأن الضرورات تبيح المحظورات، خاصة وبعض المذاهب الإسلامية مازالت تقبل بالزواج الشفهى، لكنها تشترط لوقوع الطلاق، توثيقه. وليس صحيحا ما توصل إليه البيان من أن الناس ليست فى حاجة لتغيير أحكام الطلاق، بقدر حاجتهم لسبل العيش الكريم، إذ ان نسب الطلاق الأعلى ليست بين الفئات الفقيرة التى تعانى من مشاكل التعدد لا الطلاق، بل فى أوساط الفئات الاجتماعية المقتدرة من الأجيال الشابة.

التصدى لظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق فى البلاد تحتاج لجهود تكاملية تربيوية وتثقيفية، وتعليمية، تعمل على جبهات الوعى، وتسعى لهدم القيم التى ترسخ للتمييز ضد النساء والتحقير من شأن المساواة ،دون انتظار العون من مؤسسات لا ترغب ولا تقدر على احداث أى تغيير، وتصر على التعامل الشكلى مع النصوص، وترفض القراءة التاريخية للنص الفقهى، لكى تظل تحتكر التحدث باسم السماء.