رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أحوالنا

تزايد الحديث فى الآونة الأخيرة عن تخلي الدولة عن أداتها الإعلامية التى تتمثل فى اتحاد الإذاعة والتلفزيون والذى يشار إليه باسم مبناه العريق ماسبيرو والاستعاضة عنها بشراكة مستترة مع واحدة أو أكثر من مجموعات القطاع الخاص التى طرحت نفسها مؤخرًا على الساحة الإعلامية المصرية وصحبها الكثير من الدعاية الصاخبة التى تبشر بأنها ستأتي بما لم يأت به الأوائل. على أية حال من حق أى وسيلة إعلامية أن تعلن عن نفسها بالأسلوب الذي يتراءى لها وبالكيفية التى تحقق أهدافها ولكن دون خروج على الحقيقة أو المبادئ الأخلاقية المرعية. والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هل من حق الدولة التخلي عن ماسبيرو واستبداله بشريك من القطاع الخاص أيًا كانت الأسباب أو المبررات للقيام بذلك؟ 

للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نتعرف على طبيعة تكوين اتحاد الإذاعة والتليفزيون والاختلافات التى تميزه عن الكيانات الإعلامية الخاصة وهل يمكن التوفيق بينهما أم أن ذلك أمر غير جائز. أولاً، تأسس اتحاد الاذاعة والتلفزيون فى أوائل السبعينيات من القرن الماضي كهيئة قومية توحد بين ثلاثة كيانات هي هيئة الإذاعة المصرية وهيئة التلفزيون العربي ومؤسسة الهندسة الإذاعية وأوكل إليه مهمة القيام بالعمل الاذاعي المرئي والمسموع فى جميع أنحاء مصر، وقد انفرد بهذا الحق وحده دون غيره بنص القانون رقم ١٣ المنظم لأعماله. وفى السنوات الأخيرة من القرن الماضي دخلت مصر عصر الفضاء الذى رسخت أقدامه مع مقدم الألفية الثالثة. وقد أسفر عصر الفضاء عن دخول القطاع الخاص شريكًا فى العمل الاعلامي جنبًا إلى جنب مع القطاع العام. ونظرًا لتعارض القانون مع عمل القطاع الخاص فى المجال الاعلامي فى مصر، فقد رؤى حلًا لهذا الإشكال إقامة منطقة حرة إعلامية فى مدينة السادس من أكتوبر تخضع لقانون الاستثمار ولا تسري عليها القوانين العادية السارية داخل البلاد. ومن هذا المنطلق عملت القنوات الفضائية بحرية تامة لا تحدها حدود إلا ما يفرضه أصحاب رؤوس الأموال من توجهات على قنواتهم. وقد تباينت أساليب أداء هذه القنوات طبقًا لهذه التوجهات التى تساندها القدرات الخاصة والخبرات المتراكمة لدى العاملين بها والتي اكتسبها معظمهم من العمل فى ماسبيرو. فى المقابل نجد أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون يعمل منذ إنشائه، بل وقبل إنشائه عندما كان هيئات مستقلة، على خدمة توجهات الدولة وتحقيق أهدافها. 

ونظرًا لأن الإعلام صناعة مكلفة فإن القنوات الخاصة تعتمد على دخلها من الإعلانات فى تعويض نفقاتها الكبيرة، الأمر الذي يعطي الوكالات الإعلانية قدرًا كبيرًا من النفوذ فى فرض الخريطة البرامجية التى ترضي المعلنين. وتعتمد هذه الخريطة بالأساس على البرامج الترفيهية والمسلسلات. وعند تقديم المواد الإخبارية والمعلومات فإن الغلبة تكون للإثارة وغرائب الأشياء. باختصار،الاعلام الخاص يقوم على تحقيق الربح وفى سبيل ذلك لا مانع من تسطيح الفكر وإغراق الناس فى عالم افتراضي يقوم على أحلام الثراء السريع التى تتيحها برامج المسابقات، وترسخ فى المجتمع القيم الاستهلاكية التى تخدم أصحاب رؤوس الأموال من مالكي القنوات وأقرانهم. فى المقابل نجد أن الإعلام الرسمي أو إعلام الخدمة العامة يعمل على خدمة المواطنين من خلال تقديم برامج معلوماتية وتعليمية تهدف إلى رفع مستوى الجماهير وتوفير الخدمات التى تهمهم فى كل مناحي الحياة. ونظرًا لأن الدولة توفر لهذا الإعلام دخله الأساسي بينما يمثل الدخل الإعلاني مصدرًا ثانويًا له فإنه لا يقع فريسة للإعلانات التى تفرض سطوتها على القطاع الخاص. ويلعب الإعلام الرسمي دورًا أساسيًا وهامًا فى شرح سياسات الدولة وإقناع الجماهير بها بحيث تتبنى هذه الجماهير هذه السياسات وتعمل على إنجاحها. وفى ذات الوقت، يقوم هذا الإعلام بنقل آراء الجماهير إلى المسئولين الذين يتعرفون بذلك على صدى سياساتهم عند الجماهير. مهام ثقيلة يقوم بها الإعلام الرسمي ولا قبل للإعلام الخاص بها. ألا هل بلغت.