رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

كثيرًا ما كنت أتساءل بينى وبين نفسى، ماذا لو أن الرئيس الأسبق حسنى المبارك قرر عدم خوض الانتخابات الرئاسية للمرة الخامسة فى عام 2005، وعدل الدستور تعديلاً حقيقيًا لا هزليًا كما جرى، بما يتيح الحق فى المنافسة الديمقراطية على موقع الرئاسة ويسمح بالتداول السلمى للسلطة وبازدهار الحياة الحزبية ونشاطها السياسى ودورها الفاعل فى الحياة العامة، ألم يكن ذلك كفيلاً بأن يجنب البلاد كثيرًا من الكوارث التى حلت بها فى الأعوام التالية؟ وإذا كانت هذه الفكرة لم تطرأ على باله– وهى لم تطرأ بطبيعة الحال، إلا لماذا لمن ينفذها- فما هى يا ترى العوامل التى ساعدته على التمسك فى البقاء فى مكانه برغم بلوغه العام السابع والسبعين من عمره، وبرغم تزايد الاحتجاجات السياسية والمجتمعية على سياسات حكمه، واتساع دوائر الفساد المالى والسياسى فى مؤسساته؟

وبرغم أن التاريخ لا يعرف كلمة لو، فقد عاودنى هذا التساؤل بعد أن قرأت الحوار المهم الذى أجراه الزميل «ممدح دسوقى» فى صحيفة الوفد يوم الخميس مع الدكتور«علىّ الدين هلال» الذى تولى منصب وزير الشباب والرياضة فى الفترة من عام 1999 وحتى عام 2004، وكان عضواً بلجنة السياسات فى الحزب الوطنى الحاكم وأمين الإعلام بالحزب منذ عام 2006 وحتى 2011، بما يجعل الحوار بمثابة شهادة على نظام حكم الرئيس مبارك من قلب النظام ولأحد أقطابه.

وفى الحوار اعترف الدكتور علىّ الدين هلال بما كنا نقوله فى صحف المعارضة بأن الحزب الوطنى كان نمرًا من ورق ومجموعات من شلل المصالح، تشكل واجهة ضعيفة لممارسة السلطة التى كان هو أضعف حلقاتها، ودلل على ذلك بأنه فى يوم 24 يناير 2011 كانت تقارير الحزب تشير إلى أنه لن يحدث شىء غير عادى، فى اليوم التالى 25 يناير، بينما تلقى الرئيس مبارك تقارير من مباحث أمن الدولة والمخابرات العامة فى 18 يناير تتنبأ بكل ما جرى بعد ذلك، وأضيف من عندى وتم تجاهلها. وجدد الدكتور هلال التأكيد على أن نظام الرئيس مبارك قد سمح على امتداد 10 أعوام بتمدد جماعة الإخوان، بالموافقة على افتتاح مقر رسمى لها، وبنجاح 88 عضوا لها فى دخول البرلمان، والتعامل معها باعتبارها جمعية أهلية وهى فى الواقع تمارس نشاطاً سياسياً، فنفذت إلى مؤسسات الدولة والمجتمع، فى نفس الوقت الذى تم فيه التضييق على أحزاب المعارضة المدنية، التى قال إنها استسلمت لهذا الحصار. وبصرف النظر عن صحة هذا الاستنتاج من عدمه، فقد توقفت طويلاً أمام قوله إن الرئيس مبارك بسبب اعتلال صحته، انحسر دوره فى الحكم خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه، وأن النظام المصرى خلالها كان يحكم باسم مبارك، لكن مبارك لم يكن هو من يدير شئون البلاد!

السؤال الذى لم أجد له اجابة فى الحوار هو: لماذا يا دكتور صمت على كل هذه الاختلالات، ولماذا قبلت بالتصدر للدفاع عنها فى الندوات والفضائيات والحوارات حتى اللحظة الأخيرة؟ وما هو الذى يجذب مثقفا كبيرا فى حجمك وأكاديمياً فى مقامك الرفيع أن يجاور من هو أدنى منه ممن يرددون صدى السياسات السائدة، وأن يكون واجهة إعلامية لنظام مريض لا أمل من شفائه؟ وأليس مساندة من هم فى مقامك للنظام هو ما دفعه للظن بأنه يسير فى الطريق السليم وللتمادى فى العند والغرور وعدم اتخاذ القرار الصائب فى الوقت المناسب؟ ألم يكن انسحابك وكشف هذه الحقائق للناس أن يمثل جرس انذار للغافلين فى النظام ويشجع آخرين بداخله على الحذو حذوك؟

لكن غيبة الاجابة عن تلك التساؤلات لا تنفى أن الحوار هو شهادة مهمة من قلب نظام مبارك على عصره، حتى وإن جاءت متأخرة.