رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

تعالوا نصطحبكم فى رحلة تاريخية لنرى من خلالها عظمة مصر وعظمة وقدرة وحماس الشعب المصرى منذ فجر الوجود، حين تشكلت الدول من الناحية الرسمية، فكانت الدولة المصرية ووحدتها السياسية والقانونية والدينية على يد الملك مينا تحديداً عام 3200 قبل الميلاد.

هذا عن الأسرة الأولى، وبلغت مصر الذروة فى ميدان الحياة الخصيب من الناحية الإدارية والقانونية والعمرانية.. وخير شاهد معجزة بناء الأهرام وكيفية ذلك وما كان يرمى إليه من عبقرية الزمان والمكان.

***

تعالوا لنعلن أمام العالم أجمع أن مصر حقاً وصدقاً حسب وثائق التاريخ وما سجله المؤرخون وعلماء الآثار كانت السباقة فى كل شعاب الحياة، الأمر الذى يؤكد وبصدق أنها أم الحضارات، أو بالتعبير الشعبى «مصر أم الدنيا».

فى عصر الأسرة السادسة تحديداً وفى عهد الملك «بيبى الثانى خامس ملوك الأسرة السادسة» هب الشعب المصرى غاضباً ضد الظلم الذى ساد البلاد، وما أصاب البلاد من تدهور اقتصادى واجتماعى فى عهد ذلك الملك، والذى بلغ من العمر أرذله (أكبر ملك حكم فى التاريخ ثلاثة وتسعون عاماً).

وجاء الحكيم العظيم «أيبوور» فى وثيقته التى عثر عليها الأثريون بمكتبة أمستردام بهولندا تحكى قصة وعظمة وحياة ذلك الحكيم وكيف انتفض الشعب المصرى فى أول ثورة اجتماعية ضد الإقطاع وضد الظلم وعنوانها:

«إن الشعور بالظلم لا الظلم نفسه يورث الثورات الإنسانية» (الفيلسوف ألبير كامى فى مؤلفه «الإنسان ثائراً») L,Hommerevolte

المهم فى عام 2280 قبل الميلاد، اشتعل لهيب الثورة وبدأت بالعاصمة، واستطاع الحكيم إيبوور الذى سجل لها أن يطرق باب القصر الملكى ويواجه الملك مباشرة، ووجهاً لوجه، بما آلت إليه البلاد من خراب ودمار بعدما عاشت فى رفاهية وسعادة إبان الحكم القديم، واستطاع هذا الحكيم أن يحمل أمام الملك آمال الشعب المصرى ومطالبه، وذلك فى ضوء ما أحسن به -هو نفسه- من انتشار الظلم فى الحكم والإدارة، واشتعل -كما أشرنا- فى ظلها لهيب الثورة ترجمة لمعنى نفسانى هو «هو أن الشعور بالظلم لا الظلم نفسه هو الذى يولد الثورة».

حقاً وصدقاً قدم الحكم إيبوور.

وثيقة الاتهام إلى مسامع الملك مباشرة واصفاً ما حاق بالبلاد والعباد من دمار، والآثار المدمرة لذلك، وخاطب الملك مباشرة وهو محاط بأصدقاء السوء كما أطلق عليهم فى برديته قائلاً فى حماس: «أين أنت الآن ولهيب الثورة يملأ كل مكان»، وهؤلاء المحيطون بك فى لهو مقيم «ويغذونك بالأكاذيب» ويتقربون منك زلفى وهم أصل ما وصلت إليه البلاد من ضعف وهوان فى جسد الحكم والحكومة.

ونبأ بأن قوة الحكم وعظمته وازدهاره مرتبطة تماماً بقوة الحكم ورشده، وبدأت الدفة تميل صوب الطبقية والامتيازات، وعلى الوجه المقابل كان الفقر والأسى من نصيب الشعب، وكانت تلك البذور الأولى التى تفتق عنها النظام الإقطاعى فى البلاد، وكان -كما رأينا- الشعور بالظلم وهو وقود الثورات الإنسانية على جسر الزمن قد تحرك فى وجدان الشعب فعبر عن ذلك فى «ثورة تلقائية» لم يخطط لها، وقد انطلقت من العاصمة وفى نفس الوقت كان قد اشتعل لهيبها وشمل كافة الأقاليم، وأمام هذا استطاع حكيم الشعب الحكيم إيبوور أن يراقب الأحداث ويسجلها وتمكن -بعد لأى- أن يبلغ حقوقه إلى مسامع الملك وتمكن من مواجهته واستطاع فى بلاغة أخاذة أن يحمله وحكومته لتبعته ما انتهت إليه أحوال البلاد على أيامه من ضعف ودمار، ثم تمكن الحكيم من تسجيل كل وقائع الثورة فى شتى نواحيها وما حاق بالبلاد والعباد نتيجة مباشرة لما قد حدث ونقله وسجله فى «بردية ليدن 244» بعد أن نقلت إلى متحف ليدن عام 1828 لتسجل أبعاد أول ثورة عملاقة فى تاريخ البشرية، وفيها انتصار أكيد لإرادة الشعب ضد الظلم.

وسوف نواصل المشوار فى قادم الوقوف على أبعاد وتاريخ هذه الثورة التاريخية التى كتب وسجل أحداثها إرادة الشعب المصرى، منذ فجر الوجود.

ودائماً وأبداً إلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.