رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

يبدو أن بعض أعضاء مجلس النواب، لا يرغبون أن يتركوا هذا العام الذى أوشك على الانتهاء، يمضى إلى حال سبيله، دون مواصلة مسلسل نوادرهم التى بدأت ولم تنته حتى الآن بالشكوى المريرة لرئيسه الدكتور «على عبدالعال» من تغيب النواب المتكرر عن حضور الجلسات، وبرغم هذه الشكوى، لم يخجلوا من المطالبة بزيادة المكافآت التى يحصلون عليها، فى بلد يستدين لحل أزماته الاقتصادية.

فما كاد دور الانعقاد الأول للمجلس ينتهى، بروائع نائب الفياجرا والمطالبة بتشريع يعمم ختان الإناث، ونائب كشف العذرية فى الجامعات، حتى افتتح نائب خدش الحياء العام وبطانته دور الانعقاد الثانى، ليلحق بهم نواب سلفيون من حزب النور يشرعون فى تقديم مشروع قانون لمنع من يسمونهم غير المتخصصين من الحديث فى الشئون الدينية والفقهية. وفيما هو واضح، فإن المشروع الذى يستهدف كما قال النائب شكرى الجندى للزميل أحمد الجدى فى صحيفة البوابة، إسلام بحيرى ومحمد عبدالله نصر الشهير بالشيخ ميزو، لن يقتصر عليهما وحدهما، بل هما سيغدوان بداية، سوف تنتهى باستهداف كل من يختلف معهم ومع لجنة الشئون الدينية فى البرلمان فى الرأى. وبالرغم من أننا لا نعرف ما هو التخصص الرفيع الذى يحمله النائب الجندى وأعضاء لجنته، لقيادة حملة تشريعية لإقصاء المختلفين، فالمؤكد أن إسلام بحيرى حاصل على ماجستير من جامعة ويلز البريطانية فى طرائق التعامل مع التراث، وأن الشيخ عبدالله نصر خريج كلية أصول الدين قسم الدعوة فى جامعة الأزهر، هذا فضلاً عن أن إسلام كان واحداً من قلائل كان بينهم إبراهيم عيسى ممن وظفوا الوسائط الجماهيرية الواسعة الانتشار التى يعملون بها، لفضح النظرة السطحية إلى تعاليم الدين الإسلامى، التى تنزع عنه وسطيته وسلميته، ورفض التقديس الأعمى للتراث، والتشجيع على نقده والتفرقة بين ما هو صالح منه وما هو طالح، وإخضاعه للظروف التاريخية التى ارتبطت بزمان ومكان صدوره، وبالصراعات السياسية والاجتماعية، التى أملت على أطراف الصراع تزوير أحاديث للصحابة والأئمة، واقتطاع نصوص من سياقها التاريخى لتبرير التكفير والقتل والسبى والنهب والتدمير واستخدام العنف، ونسبة أحاديث للرسول الكريم لا تستهدف سوى خدمة مشروع سياسى للسلطة والحكم، لاسيما أن التدوين لم يبدأ -كما هو معروف- إلا بعد نحو قرن من وفاة النبى محمد عليه السلام. هذا اللون من الاجتهاد فى قراءة النص الدينى وتفسير الشريعة الذى يمسك بجوهر أهداف الدين الإسلامى وقيمه العليا السامية هو خطوة هامة نحو تجديد الخطاب الدينى، تتصادم مع الرؤية المحافظة السائدة لدى المؤسسة الدينية الرسمية، ومع أنصارها من التيارات الدينية المتشددة داخل البرلمان وخارجه، التى يحفل خطابها بالتحريض الطائفى والمذهبى، وبغرور من يدعون امتلاك الحقيقة المطلقة. ومهد هذا الخطاب الأرض لخلق جيل مشوه من القتلة والسفاحين الذين يستحلون -باسم الله- دماء الأبرياء، ويعرفون عن المتفجرات والرشاشات والمدافع الآلية، أكثر ما يعرفون عن الفقه الإسلامى، ويستندون فى حروبهم الإرهابية إلى فتاوى من يعرفون بالسلفية الجهادية، التى روجت فى أنحاء العالم صورة ذهنية عن أن الإسلام لا يقبل الحق فى الاختلاف، وأنه دين عنف وذبح وسبى وإقصاء وتدمير للحضارات!

ولو أن هذه الفرقة من نواب حزب النور تعيش بيننا، لأدركت أنه لا خطر على الإسلام من الشيخ ميزو ولا من إسلام بحيرى، لأنه من حق أى أحد أن يدحض أفكارهما ويختلف معها وهو مطمئن بأنهما لن يقتلونه أو يكفرونه، وأن الخطر الحقيقى هو من التعنت والتشدد والرغبة فى إيذاء الآخرين واحتكار التحدث باسم الدين، ومن الفتاوى الجاهلة التى تبرر أنهار الدماء التى تسيل فى سيناء. الخطر الحقيقى هو من تفرغ النائب السلفى المحترم وزملاوه للتشريع لملاحقة من يختلفون معهم فى الرأى، وبحبس الناس بتهم تزعم ازدراء الأديان، والتطاول عليهم بتهم خدش الحياء، وسد أبواب الرزق فى وجههم بزعم عدم التخصص، وهو دور برلمانى لن يفقد تأثيره إلا عندما يسقط كل ممثليه فى الانتخابات القادمة.