رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضربة قلم

عندما سألت صاحب المقهى الذى أرتاده بشارع قصر العينى، عن سبب غياب أحد العاملين لديه، أجابنى بأنه «حرامى» وزودها حبتين، وبادرته مندهشاً إزاي؟ رد قائلاً: أنا كنت عارف إنه بيسرقنى فى حدود معينة، وكان «مشغلنى»، لكن السرقة زادت وأثرت فى إيراداتى، وبدأت أخسر والعامل الشريف مش «حِرك».

أسلوب جديد ومنطق ملتوٍ فى الإدارة يقوم على النفعية واللى تغلب به العب به، والدولة فى إدارتها لدولاب العمل تشبه صاحب المقهى، فهى لا تختار إلا صاحب العين المكسورة أو المنافق أو المهزوز الذى ينتظر التعليمات، أو أى نقطة ضعف يمكن بها السيطرة عليه، أما الشريف الكفء فإنه يشقى بنزاهته، الفساد فى مصر قديم منذ أيام الفراعنة، ولكنه توحش فى عهد السادات، وانتشر وتجذر برعاية الرئيس مبارك، وتقاسم رجاله مع الإخوان الجهاز الإدارى للدولة والمحليات وكل القطاعات الاقتصادية، وبعد ثورة 30 يونيه لم تتغير الأوضاع بل ازدادت سوءاً بعد تبرئة رموز الفساد والاستعانة ببعضهم وتطبيق كل السياسات والقوانين التى تجنبها نظام مبارك خشية الغضب الشعبى مثل إلغاء الدعم والقيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية (الوظيفة العامة) والتأمين الصحى وتعويم الجنيه.. إلخ، تقبل المواطن هذه القرارات والقوانين وما ترتب عليها من اندلاع حريق الأسعار الذى طال جميع السلع والخدمات حباً فى الرئيس السيسى، وتفادياً لمصير يبدو فى الأفق أسود من قرن الخروب.. الشعب يدفع فاتورة الإصلاح منذ حقبة عبدالناصر حتى الآن دون أن يجنى ثمار صبره وتضحياته، والفاسدون يتربحون فى كل عهد دون حساب أو عقاب، حتى إننا انتقلنا من مرحلة الفساد الإدارى إلى الإدارة بالفساد.. لجوء الدولة إلى الاستعانة برجال مبارك وعجزها أمام حفنة من رجال الأعمال تتلاعب فى أقوات الشعب يؤكد هذه الحقيقة، السكوت على فساد منظومة القمح وعدم استكمال فتح ملفات أصحاب الصوامع وتجاهل رئيس الوزراء مذكرة وزير التموين بهذا الشأن يدعم واقعاً فاسداً.. ارتباك الحكومة وسكوتها المريب فى فضيحة استيراد الدواجن يشى بأن ثمة أمورًا تجرى فى الخفاء وقبلها أزمتا السكر والأرز.. يا سيادة الرئيس.. أنت المسئول عن اختيار الحكومة وقراراتها وأعمالها وعن معاناتنا اليومية معها، واللى شبكنا يخلصنا.. أنت المسئول عن فشل الحكومة وإخفاقاتها المتوالية يا سيادة الرئيس.. الدستور ينص على أنك من تضع السياسة العامة للدولة بالاشتراك مع مجلس الوزراء وتشرفان على تنفيذها، ولا يمكن أن تتحمل وحدها مسئولية استمرار واستشراء الفساد الذى يضعف استثمار المال العام ويحد من التدفقات الاستثمارية لعدم ثقة المستثمرين فى الدولة، وهو ما يؤدى بدوره إلى تدنى فرص العمل وتراجع حصيلة الضرائب ما يضعف قدرة الدولة على القيام بمشاريع التنمية، كما أن عدم محاربة الفساد بجدية يضعف هيبة الدولة واحترامها وضياع ذلك يؤدى إلى عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى.

يا سيادة الرئيس.. أنت تمتلك ظهيراً شعبياً لم يتوافر لأحد من قبلك إلا زغلول والنحاس وعبدالناصر، ولا أظن أنه سيتوافر لأحد بعدك فى المستقبل المنظور ما يجعلك قادراً على قطف رؤوس الفساد اليانعة، وعدم محاسبة الفاسدين يحرض الآخرين من الشرفاء على الفساد، أو يدفعهم للندم على نزاهتهم حين يعجزون عن شراء الطعام والدواء لأبنائهم وذويهم.. أصبحنا نتنفس فساداً، وكدنا نختنق أو ننفجر غيظاً وحنقاً وكمداً وسخطاً.. هناك من يكلف حفل زفاف ابنته 55 مليون جنيه، بينما أصحاب المعاشات يتضورون جوعاً.. الدولة تتباطأ فى استرداد الأراضى ممن حصلوا عليها بالفساد، فيما يسعى البرلمان لطرد 23 مليون مستأجر من منازلهم.. لا تضطروا المواطن إلى أن يضع ضميره تحت وسادته ويقول «ما الضير في أن نكون كلنا لصوصاً فاسدين».