رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

ما بقى لنا إذن إلا أن نبلور حجج الفقهاء والمفكرين والتى قالوا ونادوا بها بصوت عال:

1- المعنى الأول والأسمى هو «المعنى المقدس للحياة الإنسانية»، إن الدولة وهى تُقدِم على تنفيذ حكم الموت - ابتغاء الدفاع عن نفسها - إنها تتنكر لمعنى الإنسانية بعدم احترام حياة الإنسان.. ثم إنها عن طريق هذا النوع من «القتل الإدارى» فإنها لا تمحو الجريمة، وإنما تكررها من جانبها.

2- إذا كانت العقوبة تهدف فى المقام الأول والأخير إلى الزجر والردع، فهناك «عقوبات أخرى بديلة» (كالسجن المؤبد - أو الأشغال اليدوية الشاقة فى مشروعات الدولة وتحت رقابتها)، هذه العقوبات يمكن أن تحقق وبنجاح تلك الغاية المنشودة، بل هى من حيث الواقع والحقيقة يمكن أن تكون أكثر فاعلية فى مجال الزجر والردع من القضاء على حياة الإنسان، ناهيك عن أنه كثيراً ما يساء استخدام عقوبة الموت فى تحقيق أغراض ومطامح سياسية على جثث المعارضين «فهى بذلك تضل سواء السبيل ولا تحقق أغراضها».

3- فى ضوء نفس الاعتبارات فقد لوحظ أن عصر القضاء الخاص والملطخ بدم الثأر وعصر «القصاص» بمعناه القديم قد ولى وانقضى، ومن هنا فإن بقاء تنفيذ عقوبة الموت وجب ألا تسمى ألا باسمها الحقيقى «إنها عقوبة قتل باسم القضاء أو باسم القانون»، وفى ذلك انتهاك لحرمة العدالة، وهى حسب فحواها ومدلولها تجنح نحو الظلم على حساب «نظرية العدل العقابى».

4- يلاحظ «الجانب الميتافيزيقى» فى القضية والقول بأن الفناء الكلى للإنسان إن هو إلا وهم كبير، وأن المسألة الفردية إن هى إلا محض تصور وافتراض، وأن الحقيقة أن الجانى بالمجتمع يحيا ويعيش ووحده يسقط ويموت، وأن المحكوم عليه يدفع «الدين من حياته» من أجل أن يعيش الآخرون، وفى الوقت نفسه من أجل أن يكون عبرة لهؤلاء جميعاً، هذا يتم حسب مشيئة الدولة ومن هنا فقدت العقوبة العظمى أهم مميزات العقوبات الإنسانية «الأساس الأخلاقى».

5- ويذهب الفقه الحر على التوكيد - وفى ضوء تقرير هيئة الأمم المتحدة المشار إليه آنفاً - أن الإحصائيات الجنائية قاطعة بأن إلغاء هذه العقوبة لم يتخلف عنه زيادة فى الإجرام، وهذا ما يدحض حجة المنادين بالإبقاء على العقوبة العظمى.

6- ويركز المذهب الحر على موضوع «الأخطاء القضائية» مهما كانت الضمانات، وضرب الفقهاء أمثلة زاخرة لمحكوم عليهم ثبتت براءتهم بعد التنفيذ وأى قسوة يمكن أن تثار حينما تكتشف البراءة ويكون القبر قد ضم جثمان المحكوم عليه.

هنا يكون المجتمع قد ارتكب فى حق الإنسانية جمعاء «جريمة لا تُغفر» وهى التى يمكن أن يقال عنها «وكأنه قتل الناس جميعاً».

7- وهى عقوبة غير عادلة، للأسباب التى سردناها من قبل، وللأثر الذى يتخلف عنها فى مساس الأذى بأهل المحكوم عليه ابنه وأبيه، وأسرته حيث العار «إنها عقوبة لا تتناسب فيما تحدثه من ألم فى المحكوم عليه وذويه، إذا قيس ذلك بالأذى يصيب المجنى عليه أو أهله وذويه».

وانتهى التقرير إلى أن أنصار الإلغاء من مفكرى العالم كانوا أكثر عدداً وأقوى حجة من الذين ناصروا أو يناصرون البقاء على عقوبة الإعدام.