رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أحوالنا

لم تكن هذه أول مرة يدخل فيها الشعب المصرى فى امتحان عسير، ولكنه تعرض على مدى تاريخه التليد للعديد من الاختبارات الصعبة وخرج منها وقد صهرته نيران التجربة كما تصهر المعادن الثمينة فتتخلص من كل ما يعلق بها من شوائب وتصبح لامعة براقة تأخذ بألباب الناظرين. فإذا كان جوهر الشعب نفيساً فإنه يحتمل نيران التجارب ويصمد إزاء الأزمات ويصحح من مساره ويمضى قدماً إلى الأمام غير عابئ بعثرات الطريق أو بالمشكلات التى يتفنن أعداؤه فى وضعها فى طريقه كى يحدوا من انطلاقته. وأحدث المواقف التى برهنت على عظمة الشعب المصرى تمثلت فى رد فعله حيال تحرير سعر الصرف للجنيه مقابل العملات الأخرى وزيادة أسعار المحروقات من بنزين وسولار، وما يمثله ذلك من ارتفاع أسعار السلع والخدمات التى يكتوى بنارها أبناء الشعب، خاصة أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة. وقد جاءت هذه الخطوة من جانب الحكومة فى الوقت الذى تواترت فيه دعوات مجهولة للتظاهر يوم ١١/١١، وتعجب كثيرون من جرأة الحكومة على القيام بهذه الإجراءات الاقتصادية فى هذا التوقيت، ولكن من الواضح أن الحكومة وضعت ثقتها فى فهم الشعب لحقيقة أن هذه القرارات تصب أخيراً فى مصلحته وأنه لن يتحقق أى تقدم حقيقى لمصر إلا بتجرع هذا الدواء المر بل العلقم. 

وكما نادينا من قبل فإن القبول بخيار التقشف هو مدخلنا إلى اللحاق بركب التقدم. فقد سبقتنا إلى ذلك شعوب القارة الآسيوية العظيمة وحققت ما يشبه المعجزات. ونحن لا نقل عن تلك الشعوب سواء فى الرغبة فى تحقيق التقدم أو فى القدرة على العطاء مع تحمل المشاق. وإذا كانت الطبقة الفقيرة تُمارس التقشف بالضرورة وليس اختياراً، فإن الطبقتين، المتوسطة والعليا، هما المعنيتان بالدعوة إلى التقشف. وسوف يتجلى تحقيق ذلك بتخلى أبناء الطبقتين المتوسطة والعليا عن النمط الاستهلاكى الذى ساد حياتهم فى العقود الأخيرة. لابد من التخلى عن الكماليات المستوردة وتشجيع الصناعة المصرية حتى تتقدم وتقدر على منافسة البضائع المستوردة ونستطيع التصدير بما يحقق لنا العملات الصعبة الكافية لتحقيق الرخاء الاقتصادى. التصدير وليس الاستيراد هو الطريق إلى التقدم. لقد وصلنا إلى الوضع الاقتصادى المتردى بسبب إقبالنا على استيراد كل احتياجاتنا من الخارج، فكانت النتيجة أن أغلقت مصانعنا أبوابها وتوقفنا عن التصدير واختل بذلك الميزان التجارى فى مجمل معاملاتنا مع دول العالم. ولقد آن الأوان الآن لتصحيح هذا الخلل. والخطوة الأولى هى فى أيدى أبناء هذا الشعب العظيم. نعم، فمن خلال قيامنا بتشجيع الصناعة المصرية وتفضيل كل ما يصنع فى مصر على كل ما يصنع فى الخارج، سوف نمكن الصناعات القائمة من الوقوف فى وجه المنافسة الأجنبية فى الداخل، ونشجع المستثمرين المصريين والأجانب على الاستثمار فى مصر لأنه سيكون استثماراً مربحاً لأنه بضمانة الشعب المصرى.

وإذا كان هذا هو المطلوب من أبناء الشعب المصرى فإن المطلوب من الحكومة لا يقل أهمية. فالمطلوب منها توفير مناخ الأمن والاستقرار اللازم لتشجيع الاستثمار. يجب تذليل كل العقبات التى تقف فى طريق الاستثمار، وفى هذا الصدد نسأل ماذا تم فى العمل بنظام الشباك الواحد؟ هل مازال حلماً صعب المنال، أم أن مافيا الفساد أجهضت الحلم وبات فى خبر كان. وفى نفس الوقت يجب أن تقوم الحكومة بحماية الكادحين من أبناء هذا الشعب وأن ترفق بهم، وفى هذا الصدد ليتنا نراجع أى خطط لزيادة أسعار وسائل النقل العامة سواء المترو أو الأتوبيسات، لأننا يجب أن نحمى الكادحين من الغلاء ونشجع التوسع فى استخدام هذه الوسائل كأسلوب حياة لدولة تسعى إلى التقدم.