رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وخطابى اليوم إلى الفرنسيين منهم أن يمحوا من قوانينا قوانين الدم، هذه القوانين التى تأمر بالقتل القانونى -أى تشرع للقتل- فى ظل من الأخلاق المتوارثة والأعراف القديمة: إننى أعلن هنا أمام الأمة قاطبة:

1- إن عقوبة الإعدام فى جوهرها - عقوبة غير مشروعة.

2- إنها ليست العقوبة الرادعة أو تلك التى بسببها ستوقف كافة الجرائم، أو أنها تفوق فى مثاليتها باقى العقوبات، إن العكس صحيح تمامًا، إنها تشجيع على مزيد من الجرائم: ويضرب مثلًا واقعياً:

إن عقوبة الموت واجبة، هكذا يقرر أنصار هذا التقليد البربرى القديم، وبدونها هكذا ينطقون، لا توجد قوة تصد تيار الجريمة، «إن شأنهم فى ذلك شأن المعلم القاسى غليظ القلب الذى يفرض ويمارس العنف على طلابه، وتكون النتيجة أن يصبح هؤلاء وقد مسهم مس السوء، وتربت نفوسهم على الغلظة والقسوة، وقد انعدمت الرحمة من القلوب».

إن مهام التشريع أن يصوغ أخلاق الشعوب ويعبر بصدق عن مشاعرهم من أجل سعادتهم جميعاً، وعليه أن يخفى حدة الغضب وألا يسعى إلى «الانتقام» الدموى - إنه بذلك يفتح الطريق أمام مزيد من الدم، إن الأمة وهى تقدم على انتقام من هذا النوع فإنما تبذر «بذور الشر» وهى التى تحصده فى النهاية.

وقامت الثورة الفرنسية عام 1789 ومعها تبلورت الأفكار الإنسانية، وعلت إرادة الرأى العام علوًا عظيماً، ونادوا بالحرية والأخوة والمساواة، والتقت صيحات الإلغاء لعقوبة الموت - والتى كانت لاتزال فى عنفوانها ومبادئ الثورة، الثوار ينادون بإلغاء الملكية وصوت الشعب والكتاب الأحرار ينادون بإلغاء العقوبة العظمى، هذا ما كشفه الضمير العام ضمير الأمة «أن العرش وعقوبة الموت عبئان ثقيلان وجب التخلص منهما، وقد أطيح بالعرش وما بقى إلا الإطاحة بالعقوبة البربرية.

تطورت الأفكار الإنسانية وأثرت فى تحويل دفة العقوبة بصفة عامة صوب اتجاهات أكثر إنسانية وخاصة عقوبة الإعدام، وظهرت النظريات العقابية والمشروعية فى العقاب، وشهد القرن التاسع عشر انتصار «الثورة العقابية».

نفس التطور نجده فى الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وغيرهما من بلاد العالم.

وبدأ سماء الفكر العقابى يتلألأ فيه أسماء زعماء الفكر الإنسانى، فيكتور هيجو فى مؤلفه «الليلة الأخيرة فى حياة محكوم عليه بالإعدام» عام 1829 يقدمه بحكمته «إن الدم لا يغسله دم مثله».

ثم كانت خطبته التى هزت القلوب أمام البرلمان الفرنسى فى 4 نوفمبر 1848، حيث قال فيها فى تأثر شديد:

«ما هى على وجه الحقيقة عقوبة الموت؟ إنها صدى لنظام أبدى فى همجيته وبربريته، أن قانون الإلغاء هو قانون الإله، وفى تطبيقه مخالفة لتعاليم السماء، إن الحق فى الحياة والموت هو من حقوق الإله فقط -وحده لا شريك له من سلطان البشر- إنكم وأنتم تضعون المادة الأولى فى دستوركم عليكم أن تترجموها من أفكار الشعب، إنكم وقد أطحتم بالعرش فى ثورتكم، اليوم عليكم أن تطيحوا بالمقصلة».

وفى 17 مارس 1828 نادى الشاعر لامارتين تحت قبة البرلمان الفرنسى: «ليس الموت هو الذى ينبغى أن نتعلم كيف نخشاه، وإنما هى الحياة التى يجب أن نتعلم كيف نحترمها».