رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لم يُنصف الذين كتبوا التاريخ، ولم يُنصف الذين قرأوه، فلم يثابروا على تمحيصه وتحليله وإزاحة المُفتريات ورد الأباطيل. وحسناً فعل الباحث الدءووب أحمد كمالى بسلسلة «أيام مصرية» التى تُعيد بث حكايات تاريخية بأسلوب جذاب وسهل لأجيال من الشباب صارت مُتشككة فى كل ما يُصب لديها عبر مناهج التعليم. فى العدد الأخير للمجلة فجّر «كمالى» مفاجأة ظلت عقوداً طى إغفال مُتعمد عندما كشف الأسباب الحقيقية لاستقالة طلعت حرب من بنك مصر سنة 1939، والتى كانت فى واقع الأمر نتيجة فشله فى توفير أموال المودعين الذين احتشدوا لسحبها بسبب ظروف الحرب.

لقد درسنا أن طلعت باشا حرب هو النموذج الخارق لرجل الاقتصاد الذى نقل مصر نقلة عظيمة فى مجال المصارف والصناعة والإنتاج، وأن سقوطه واستقالته سنة 1939 كان بسبب مؤامرة سياسية دُبرت ضده كما زعم فتحى رضوان فى كتابه عنه المعنون «درس من العظمة».. والحقيقة أن للرجل سجايا عظيمة ونوايا طيبة، لكنه أخطأ بالتورط فى إنشاء عدد ضخم من المشروعات غير المدروسة وغير المُدرة للربح، مما أدى إلى كارثة عدم الوفاء بأموال المودعين، ولأن تاريخ طلعت حرب كُتبته أبواق نظام يوليو فقد بالغت فى تعظيم صورته موحية أنه أبو الاقتصاد الوطنى ورائد تمصيره، وذلك رغم أن جانبًا من مؤسسى بنك مصر كانوا من اليهود والأجانب، ورغم وجود عباقرة فى مجال الاقتصاد مثل إسماعيل صدقى، وهكذا صار موقف فتحى رضوان وزير الإرشاد فى عهد ناصر هو الحاكم لصورة طلعت حرب حتى الآن، رغم أن كتابه حوى أخطاء تاريخية فجة.

لقد كتبت من قبل أن التاريخ المصرى يسير على عكازين، وأن ما يُنشر من أخطاء، وما يُذاع من خطايا كفيل بقلب تاريخ مصر من الأساس.

خُذ مثلاً قول السيدة تحية عبد الناصر فى مذكراتها أنها سألت زوجها ليلة 23 يوليو عن سبب ارتدائه الملابس الرسمية، بينما أكد يوسف صديق فى مذكراته أن قواته قبضت على عبدالناصر ليلة الانقلاب بالملابس المدنية.

وخُذ مثلاً قول السادات لأنيس منصور فى كتاب (من أوراق السادات) بأن «حزب الوفد كان يرى أن الإنجليز والملك هما مصدر السلطات»، ثم قوله عن حرب الفدائيين 1951 «إن الضباط اشتروا السلاح من رفح وأعطوه للفدائيين ليقاتلوا به الإنجليز ولكن موقف الوفد كان مُخزياً»، ولا ندرى أين كان ضمير أنيس منصور وهو يعرض تلك الأكاذيب دون تعليق وهو يعلم يقيناً أن الوفد دفع ثمن مجابهته للاحتلال والسراى كما لم يدفع حزب، وتكفى شهادات الضباط الأحرار أنفسهم فى محاكمة فؤاد سراج الدين بأنه كوزير داخلية الوفد كان يهرب السلاح للفدائيين.

وخُذ أيضاً ما نشرته هيئة الاستعلامات على موقعها على الإنترنت عن تولى أحمد عرابى رئاسة الوزراء، وهو ما لم يحدث بتاتاً، فضلاً عن قيام دار نشر كُبرى لديها سلاسل للتاريخ بذكر تاريخ إلغاء الأحزاب فى كتاب قدمته عن مصطفى باشا النحاس بأنه يناير 1954 أى بعد التاريخ الحقيقى بسنة كاملة.

من هُنا نُثمن أى محاولات لتصحيح تاريخ كتبته عبر الأزمان السلطة التى رأت خصومها متآمرين وخونة، والله أعلم.

[email protected]