رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اسمحوا لى

فى رواية خير الله للكاتب الشاب علاء فرغلى وقبل الدخول فى متن الرواية نفسها كتب (حياة خير الله كحياة البحر، واحدة ومتلاطمة، متتابعة ، ذات انواء. والخارج منها ليس مولودًا، بل ميتًا، تماما كأسماك المياه الحلوة حين يصب النهر فى المالح، تتنفس قليلًا حتى ينتهى هواء خياشيمها فتذبل شيئاً فشيئاً) ولا اعلم ماذا يسمى هذا هل هذا تصدير ام تقرير يمليه الكاتب على القارئ حتى لا تأخذه الرواية؟.. ومع ذلك ومع هذا التصدير المتشائم، يستطيع الكاتب ببراعة ان يأخذك فى رحلة ليس فى المكان فقط، بل فى الزمان ايضًا ان تعيش مع شخصيات الرواية فى حب واستمتاع ولذة حقيقية ليس من جودة اللغة وجمالها وبساطتها فقط، وليس من تشعب الأحداث وترابطها وليس من براعة السرد ولكن أيضًا من لذة اكتشاف ما هو مغاير ومختلف حيث استطاع علاء بتقنية عالية وحنكة فنية تدهشك فى اول عمل، ان يقدم لنا عالمًا جديدًا قد يكون على بعد امتار من المدينة، ولكن اهل المدينة لا يعرفونه، وان تعيش مع شخصياتها الكثيرة التى رصدها الكاتب بحب وعطف رغم فقرها واحباطاتها وحتى شرها واجرامها، فهو يحنو عليهم يتأسى لحالهم فى كفاحهم فى بيئة جديد وفى ظروف صعبة من اجل الاستمرار فى الحياة، وبالرغم من تصديره الذى يقرر فيه ان الخارج منها ميت، الا ان روايته نفسها تنتصر لأبطال الرواية خاصة صالحين  الشابة الصغيرة التى استطاعت ان تربى اخوتها الأولاد الاربعة، وان يكافحوا جميعا وأن يعملوا ويتعلموا حتى يعيشوا فيها بكرامة، أو يخرجوا منها سالمين.

ولا اعرف لماذا  كتب علاء ايضا يشرح لنا على الغلاف الخلفى  لروايته شرحًا آخر لحالة سكان خير الله حيث يرى ان مجتمع خير الله غير متجانس ليس كمجتمع المدينة الصارم او مجتمع الريف او البدو بالقوانين التى ارتضوها جيلًا بعد آخر  (انما هو موطن لخليط من كل هؤلاء، الريفى والصعيدى والقاهرى والبدوى والغريب  والتائه والحلبى  الذى لا اصل له ولا فصل) ولماذا لم يترك القارئ يشعر وينفعل مع الرواية بعيدًا عن أحكامه الصارمة التى تؤرخ لخير الله فى حين انه قدم عملًا أدبيًا فنيًا يتجاوز الاصل، وله كينونته الخاصة وحضوره البعيد عن اى قوالب فى الحياة؟.. أليس من الممكن ان تكون خير الله هى مصر الآن، فأين قوانين المدينة  الصارمة التى نعيش فيها او القوانين والاعراف التى نحافظ عليها؟

خير الله رواية جميلة نشرتها دار العين فى ٤١٢ صفحة من القطع المتوسط، وهى إن كانت تؤرخ لجبل يطل على  القاهرة إلا أنها قد تجاوزت المكان وتنظيرات  وإملاءات الكاتب نفسه التى حاصر بها القارئ.