رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ونواصل بيان هذا العرض الدموى.

.. وكثيراً ما كانت تصدر أوامر العفو فى آخر لحظة وكل شىء قد أعد للتنفيذ، فيتم قطع حبل المشنقة بين غضب الجماهير وصياحهم وصراخهم.

والمدهش حقاً ما حدث للمدعو «سميث» الذى نال صنوف العذاب حينما كان الجلادون يضعون فى قسوة وعنف رأسه فى حبال المشنقة - وهو يصيح ويقاوم - وكان التأخر فى تنفيذ عملية الإعدام إثر هذه المقاومة سبباً فى «حياة جديدة» كتبت للمذكور بصدور أمر العفو عنه.

وكانوا يتندرون عليه بعد حياته الجديدة «سميث نصف المشنوق».

وعلى العكس كانت هناك حالات استعجل فيها أمر التنفيذ وقد نفذ فيهم الإعدام، وبعدها جاء العفو، وكان متأخراً.

وهكذا تكمل لعبة الموت والحياة.

ومن العادات أن الأمهات كن يصحبن أطفالهن ويطلبن منهم لمس حبال المشنقة بعد التنفيذ «على سبيل البركة» وشفاء الأطفال من الأمراض المستعصية.

وفى فرنسا بلد الحريات وحقوق الإنسان، تعالوا نستمع إلى القاضى «فالكو» الذى أصدر أحكاماً بالإعدام، إلا أنه للمرة الأولى قال بعد مشاهدته تنفيذ الإعدام فى أحد الجناة، قال فى شجاعة يحسد عليها:

إنها المرة الأولى فى تاريخ حياتى القضائية أن أقف لأهاجم العقوبة وخاصة العقوبة العظمى، ثم فى عنف الهجوم اتهم مشهد التنفيذ، حيث كان المتهم هادئاً، وكان زبانية التنفيذ فى ثورة وعنف، إنهم حال وضعهم رأسه فى المقصلة، ثم الهبوط بالسيف يبرق مع شعاع النهار الحزين الكئيب ليقطع الرأس، وتنهمر شلالات الدماء فتملأ الجو المحيط بالرعب والأسى، ثم ما ذقته من حسرة بعد ذلك طيلة أيام بلياليها، بل أسابيع، بل شهور عدة، وذكرى المشهد الأليم يملأ كل تصورى وخيالى:

أعلنها باسم بقايا الشرف والنبل فى الإنسانية، أن تلغى هذه المأساة الإنسانية، وهذا النوع الذى يطلقون عليه «القتل الإدارى» القتل باسم القانون «العقوبة العظمى».

وتعالوا إلى وصمة أخرى فى المشهد التاريخى الذى لن يغيب عن «ذاكرة العقوبة العظمى»، تنفيذ الإعدام فى ملوك وملكة فرنسا ورجال الدولة العظام وحاشية القصر الملكى إبان الثورة الفرنسية:

ولما نصبت «الجيولتين» (المقصلة والمسماة باسم صانعها) فى عهد الثورة الفرنسية فى ميدان «فندق المدينة» بجانب نهر السين، نشطت فى قطع الرؤوس من الصباح إلى المساء، وكان الناس يحتشدون حولها فى مقاعد للفرجة - كما لو كانوا فى مسرح - وكان النساء يجلسن وفى أيديهن أشغال «التريكو» يعملن فيها وهن ينظرون إلى الرؤوس المتساقطة والدماء المتدفقة والمتناثرة، وربما طلبت الواحدة منهن من بعض زميلاتها أن يحتفظن لها بمكان فى الساحة إذا اضطرتها ظروفها إلى التأخر عن الحضور فى الوقت الملائم لحجز المكان.

من أجل هذا كان لابد أن تتبلد المشاعر، ويفقد الموت حرمته، فقد ضاعت الرهبة من النفوس.