عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بريق الأمل

الوفاء صفة جميلة وخُلق كريم ينبغى على كل إنسان أن يتحلى بها، يولد الإنسان به منذ الفطرة، والإخلاص الذى لا عذر فيه ولا خيانة، وهو البذل والعطاء بلا حدود، وتذكّر للود، ومحافظة على العهد. والإخلاص الحقيقى لا يتأتى إلا من قلبٍ ظاهر، تدفعه النية الطيبة الخالصة. والوفاء قيمة إنسانية وأخلاقية عُظمى، بها تدعم الثقة بين الأفراد، وبها تؤكد أواصر التعاون فى المجتمع، فالوفاء أصل الصدق والعقل، والغدر أصل الكذب والجور، والوفاء صدق اللسان والفعل معاً، والغدر كذب بهما، الوفاء يختص بالإنسان، فمن فقد عنده الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، وقد جعل الله الوفاء قوامًا لصلاح أمور الناس، والعمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملًا يثقله ولا ينفعه. وإنما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، وتوقر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ويحتوى التاريخ على أمثلة عن إخلاص الكلاب أكثر مما فيه من أمثلة عن إخلاص الأصدقاء. فإنى قرأت كتبًا فى تعريف الجمال كثيرة، فلم أجد أجمل من هذا التعريف: إن الجمال هو الإخلاص، والصدق، والبساطة، والتواضع، والكرم، وغياب الغرور، والقدرة على خدمة الآخرين وهى صفات فى متناول كل نفس.

وقد كانت فترات القوة والمنعة فى التاريخ الإسلامى حين تزاوج عنصران: الإخلاص فى الإرادة، والصواب فى التفكير والعمل فإن غاب أحدهما عن الآخر فلا فائدة من الجهود التى تُبذل والتضحيات التى تقدم. إن خدمة الإسلام تحتاج إلى رجل يجمع بين عنصرين لا يغنى أحدهما عن الآخر الأول: الإخلاص العميق لله، والثانى: الذكاء العميق والفهم الناضج فى رؤية الأشياء على طبيعتها. إن القلب الخَرب يجعل من العلم سلاحا للفساد فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) فانظر إلى ضراوة العلم عندما يفقد الإخلاص لله والرفق بالعباد، كيف يثير التفرقة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل. والإخلاص سبعة أعشار النجاح فى العمل فعليلك بالإخلاص. لو نفع العلم بلا عمل، لما ذمَّ الله أحبار أهل الكتاب ولو نفع العمل بلا إخلاص، لما ذمَّ المنافقين. وهل الإخلاص هو إخلاص الجَسد وحده أم هو إخلاص الفكر والقلب والروح.

ففى إخلاص ساعة نجاة للأبد، ولكن الإخلاص عزيز. إن لله عبادًا عقلوا، فلما عقلوا عملوا، فلما عملوا أخلصوا، فاستدعاهما الإخلاص إلى أبواب البر أجمع.

ولأن النُصح الذى لا إخلاص فيه هو بذر عقيم لا يُنبت، وإن نبت كان رياء كأصله. الإخلاص لا يمر أبدًا من بوابة الملوك. فبالشكر تدوم النعم، وبالإخلاص تبقى الأمم، وبالمعاصى تبيد وتهلك. وحتى الصلاة مع الرياء، أمست جريمة، وبعد ما فقدت روح الإخلاص باتت صورة ميتة لا خير فيها. والرعد الذى لا ماء معه لا ينبت العشب، كذلك العمل الذى لا إخلاص فيه لا يِثمر الخير. ومن أوافى بعهد الله من توحيده وإخلاص العبادة له، أوفى الله بعهده من توفيقه إلى الطاعات، وأسباب العبادة له.

أول وفاء: أن تكون وفيًا مع الله، أن تنفِّذ ميثاق الله الذى واثقك به؛ ميثاق الفطرة والعقل، وميثاق الشرع، عندك عقل يأمرك وينهاك، وعندك فطرة تكشف لك خطأك، ومعك شرع فيه أفعل ولا تفعل، فأول وفاء يقتضى أن تكون وفيًا مع الله، مع ميثاقه الذى واثقك به.

الذين يوفون بعهد الله هم الألباب، والذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله فوعدهم أن لهم الجنة، ومن أوفى بعهده من الله.