رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أحوالنا

لست مطالباً بأن تكون عالماً فذاً فى قامة أحمد زويل العالم المصرى الكبير الذى فقدناه بالأمس القريب ولا فى قامة غيره من علماء الكيمياء أو الفيزياء كى تدرك قيمة الوقت. فالوقت عند زويل وغيره من العلماء يقاس بالفمتو ثانية أى جزء من المليون من المليار من الثانية، وهو المقياس الذى توصل إليه د. أحمد زويل وحصل عنه على جائزة نوبل فى الكيمياء، أو الاكتشاف الأحدث (الأتو ثانية) الذى توصل إليه زويل قبل رحيله وهو أسرع من الفمتو ثانية بألف مرة. ولكن لماذا هذه السرعات التى يصعب تخيلها أو إدراك كنهها؟ ببساطة مقياس الفمتو ثانية مكن العلماء من رصد حركة الجزىء منذ ولادته وحتى التحاقه بغيره من الجزيئات، أما المقياس الأسرع الأتو ثانية فيهدف إلى دراسة حركة الإلكترونات.

على أية حال هذا شأن العلماء الذين يغوصون فى مناطق وعرة مجهولة كى يصلوا إلى أغوار الأسرار الكونية والتعرف على تفاصيلها الدقيقة حتى تتوفر للبشرية حياة أفضل خالية من الأمراض والأزمات والكوارث الطبيعية كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. ولكن يتعين علينا جميعاً أن ندرك أن الزمن هو أعظم هبة يهبها المولى عز وجل لكل البشر. وهى الهبة الوحيدة التى تتوفر للبشرية جمعاء دون تمييز لجنس أو لون أو عقيدة. وعلى عكس الهبات الربانية الأخرى كالماء والهواء فإنه يصعب أن تتدخل عوامل خارجية فى إفساد الوقت على الإنسان مثلما يحدث مع الماء والهواء.

فكل إنسان يوهب من الخالق وقتاً لحياته، وعليه وحده يتوقف كيف يمضى هذا الوقت وكيف يستثمره على النحو الذى يرضيه. وتتوقف قيمة الإنسان الفرد على ما يفعله بالوقت الذى أتيح له فى حياته. والأمر ليس رهنا بطول حياة الإنسان أو قصرها، فهناك ملايين البشر الذين عمروا فى هذه الأرض ولكنهم مضوا دون أن يفعلوا شيئاً له قيمة خلال حياتهم. وهناك من البشر من كانت أعمارهم قصيرة ولكنهم حققوا خلالها أشياء غيرت وجه الحياة على الأرض.

وإدراكاً منه لأهمية الوقت قام الإنسان على مر العصور بالعمل على الإمساك بالوقت عن طريق قياسه وحسابه وتسجيله وترتيبه فى سنوات وشهور وأسابيع وأيام وساعات ودقائق وثوان وفيمتو ثانية والتو ثانية.

ومثلما يدرك الإنسان محدودية الوقت المتاح له فى الحياة على الأرض فإنه يدرك أهمية اغتنام كل لحظاتها فى تحقيق ما يريد. وعلى المستوى الجماعى يعمل أفراد الجماعة أو القبيلة أو الشعب على تحقيق أهداف معينة فى فترة زمنية محددة. ومثلما يقاس نجاح الفرد أو فشله بمدى تحقيق أهدافه خلال فترة محددة يقاس أيضا نجاح المجموعات أو الشعوب بمدى تحقيق أهدافها خلال فترة زمنية محدودة. ويختلف تقييم الشعوب لأهمية الوقت حسب درجة تقدمها. فالشعوب المتقدمة تدرك أهمية الوقت ويذهب بعضها فى ذلك إلى حد التقديس. وتسعى جميعها إلى استثمار الوقت بأقصى ما أوتيت من قوة وعزم.

وفى هذا الصدد نذكر أن اليابان تفرد سنوياً يوماً للوقت يتأمل فيه اليابانيون أهمية الوقت وينقلون إلى الأجيال الجديدة ضرورة احترام الوقت وكيفية استثماره على أفضل صورة. وينعكس ذلك فى كل تصرفات أبناء الشعب اليابانى وفى أسلوب معيشتهم. يكفى أن نذكر أن جداول سير القطارات والمركبات العامة تتحدد بكسور الدقائق، أى أن القطار المتجه من طوكيو إلى مدينة أوساكا، مثلاً، موعده فى الحادية عشرة وثلاث دقائق، والقطار التالى فى الواحدة وأربع عشرة دقيقة. أليس هذا بعجيب؟ العجيب حقاً أن القطارات تلتزم حرفياً بمواعيدها. والأعجب أن من اكتشف الفمتو ثانية والألتو ثانية مصرى حتى النخاع واسمه أحمد زويل. رحمه الله.