رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عايشنا مناقشة الإعدام فيما خطه علماء القانون وعلم النفس الجنائى وما تمخضت عنه قرارات المؤتمرات العلمية العالمية بخصوص إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها، ورأينا كيف اختلفت الآراء، وتشعبت الاتجاهات «طرائق قددًا»، وأدلى كل بحجته، وقدم ما يؤازر رأيه، مبنيًا على حجج قاطعة الدلالة، وقد لوحظ فى عرض هذه الاتجاهات أن الاتجاه الذى نال أغلبية الشراح وما أخذت به الدول كان من نصيب «إلغاء عقوبة الإعدام»، وكانت البراهين دامغة ومؤكدة لحتمية الإلغاء، وبنيت هذه الحجج على أن عقوبة الإعدام تختلف عن أى عقوبة أخرى، وإذ إنه لو تم إعدام الجانى وجاءت أسباب لاحقة تشير إلى أنه كان بريئاً، ولكن بناء على خلافات فى رأى القضاة، أو تزييف فى شهادة شهود، أو حقيقة كانت فى طى الكتمان ثم ظهرت- بعد التنفيذ ما يؤكد براءة المتهم، فإنه لا توجد أية قوة يمكن أن تعيد المسار لإصلاح الخطأ الجسيم الذى ظهر متأخراً- وقد ضرب الذين يمارسون هذه العقوبة الكثير من قضايا بشرية كان الإعدام قد نفذ فى المتهم، وظهرت آيات بينات تشير إلى أن الحكم بعد التنفيذ لا يمكن أن يقدم ما يعيد الأمور إلى سيرتها الأولى، وقد أشارت تقارير هيئة الأمم المتحدة وهى تعالج قضية الإعدام مع شتى بلاد الدنيا، وتشير إلى الكثير من صور العوار أو الأخطاء القانونية، وقد أشرنا إلى بعض منها تحت عنوان أختاره لمثل هذا العوار.

«إن العدالة الحقة ليست فى دنيانا»

وأن القاضى من البشر يخطئ ويصيب، وأشرنا فيما سلف من شرح وبيان إلى الدراسة التى قام بها (المستشار مارك أنسيل) «موجهًا سؤاله لجميع الدول الأوروبية» وهو الإجابة عن السؤال الآتى:

«كم حالة ثبت فيها الحكم بالإعدام إثر خطأ قضائى»؟ ولما كان هذا الموضوع يمثل حرجاً للدول فقد أعرضت بعضها عن الإجابة عنه ولاذت بالصمت، وبعض الدول اكتفت بمجرد الإشارة إليه دون التفصيل، إلا أنه قد جاءت إجابات ثلاث كانت كالآتى:

1- أجابت السويد بوجود خطأ قضائى واحد، حيث أعلنت عن براءة متهم كان قد حكم عليه بالإعدام، عام 1932 والمحكوم عليه زوج اتهم بقتل زوجته، واتضح أن الزوجة كان لها عشيق هو الذى قتلها ورتب ماديات الجريمة لإلصاقها بزوجها.

2- أجابت النمسا بحكم صدر بالإعدام عام 1955 ضد طبيب بأحد المستشفيات كان قد اتهم بقتل إحدى الممرضات، وفيما بعد ظهر القاتل الحقيقى وثبت براءة الطبيب تماماً مما أسند إليه.

3- وقد أشار وزير العدل الألمانى «ألمانيا الاتحادية» إلى أنه فى المدة من عام 1853 إلى 1953 صدرت أحكام بالإعدام عددها سبعة وعشرون حكماً، وأشار إلى أن من بينها أكثر من حكم شابه خطأ قضائى، وقد نفذ الحكم فى ثلاثة أشخاص من المحكوم عليهم بالإعدام، الأمر الذى ترك أثراً سيئاً ومريراً فى مشاعر الشعب الألمانى الغاضب.

وفى بلجيكا حدث حادث يدعو إلى الانتباه:

امتنع القضاة عن تنفيذ حكم الإعدام رغم أنه لم يصدر تشريع بذلك، ولذلك فهو «إلغاء واقعى» ووراء ذلك حكاية تروى:

على وجه التحديد عام 1862 تم تنفيذ حكم الإعدام فى متهمين، وثبت-  فى عام التنفيذ نفسه- براءتهما بصفة قاطعة من الاتهام المنسوب إليهما، وأمام ذلك أحجم القضاة كما رأينا عن الحكم بعقوبة الإعدام، وبذلك بدت بلجيكا ضمن الدول التى «ألغت العقوبة العظمى من حيث الواقع، وإن كان النص التشريعى لايزال موجوداً».

والأخطر ما حدث فى إنجلترا، إذ قضى بحكم الإعدام فى المدعو «هايس» وتكشفت بعد التنفيذ أدلة براءته، وحكم بإعدام «س» الذى اتهم بقتل زوجته التى لم يعثر- وقت التحقيق والمحاكمة على جثتها، إلا أنها ظهرت فى مكان آخر حية تمارس حياتها، ولكن زوجها «المسكين» كان قد نفذ فيه الإعدام.

وفى مؤلفنا عن فلسفة العقوبة العظمى ضربنا أمثلة عدة لأخطاء قضائية، وأخرى تدخل القدر لتنفيذ العقوبة ثم ثبتت البراءة، الأمر الذى شد الانتباه، انتباه الرأى العام للتخلص من «شبح عقوبة الإعدام».

«إن تنفيذ الإعدام لا يمكن معه إصلاح ما تم خطأ، وهل يبعث القانون أو قضاة البشر (الموتى الأبرياء) من القبور».