رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نواصل الحديث مع العقوبة العظمى «عقوبة الإعدام» تلك التى شغلت العالم كله، خاصة بالنسبة للجرائم البشعة التى نراها تملأ ساحة الدنيا ولا تعرف لها وطناً، الإرهاب الأسود الذى بدأ يمارس إجرامه فى كل بلاد الدنيا، وأبشع صور فى تنفيذ جرمه، وآخرها فى أعياد الفرحة الكبرى فى باريس، والكل فى هناء وسرور وإذ بالقاتل المجنون الذى لا ينسب إلى بنى البشر يرتكب بها جريمة بالسيارة التى كان يركبها ويحصد بها أرواح البشر، وفرنسا بدأت تفكر فى العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام، ومع هذا فأنصار الفكر الإنسانى وقفوا ضد العودة إلى هذه العقوبة البربرية، كما وصفها أنصار الفكر الحر، بل هناك طرق متعددة لزجر القاتل الذى لا ينتسب إلى بنى البشر.

والشىء بالشىء يذكر مع الحوادث التاريخية الملطخة بالدم وما كشفت عنه الأيام فى «تركيا»، ومع الانقلاب الجماعى أو شبه الجماعى الذى اهتزت له البلاد، إذ بالحاكم «أوردوجال» أن ينادى بعرض الأمر من جديد على المحكمة الدستورية للعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام وكانت تركيا قد ألغتها من زمن بعيد، والذى حدث أن الشعب الذى كان سبباً فى إفساد مسيرة الانقلاب، أن أعلن بصوت هادر للوقوف ضد تطبيق هذه العقوبة اللاحضارية والبحث عن عقوبة بديلة ترضى الحاكم والمحكوم وتتضمن فى عقلانية وإنسانية تطبيق عقوبة أخرى تفى بالانتقام وتحقيق شهوة الأخذ باسم القانون الخارجين على قداسة القانون واحترامه.

<>

ونعود إلى سؤالنا فيما مضى مع المقالات وتتبعها نحو إعمال الاتجاه الإنسانى والبعد عن تنفيذ عقوبة الإعدام، ومع الإضافة الآتية لنرى صوراً متعددة تنضم إلى ما سبق وأشرنا إليه عن لعبة الحياة والموت فى مجال عقوبة الموت أى «الإعدام».

في اعتراف أخير لوزير عدل مصرى سابق، وكان يقص ذكرياته حينما كان وكيلاً للنيابة فى مدن الجنوب، وفى نهاية الأربعينيات، قضى على متهم بإحالة أوراقه إلى مفتى الديار المصرية لاستطلاع رأيه في العقوبة العظمى حسب نص القانون، ولما كان مرض الكوليرا قد انتشر فى البلاد وانعدمت المواصلات، تأجل رد المفتى، وما أن انقشعت الغمة حتى أعيدت محاكمة المتهم بدفاع جديد وهيئة قضائية أخرى، وتم الحكم عليه هذه المرة بالأشغال الشاقة عشر سنوات.

وهكذا تدخل القدر لإنقاذ متهم، كان يمكن أن يكون طعمة للموت والهلاك.

ويأتى الخطأ القضائى من صور عدة:

شهادة الشهود الكاذبة «الزور» وسائل إثبات وقرائن خاطئة، تقارير الخبراء فى القضايا التى يفصلون فيها من جانب سلطات التحقيق، أو بناء على أخطائهم العلمية، الاعترافات والإقرارات الكاذبة.

فى عام 1860 وفى فرنسا بلد القانون والعدالة وحقوق الإنسان، نفذت عقوبة الإعلام بـ«المقصلة» فى أبرياء ثبتت براءتهم، وإن كانت النسبة «نصف فى المائة»: إنها نسبة كما يرى ألبير كامى «صاحب مؤلف: خواطر حول عقوبة الإعدام». نسبة ضئيلة فيما يتعلق بالعقوبات العادية ولكنها لا تغتفر إذا كانت العقوبة هى الإعدام.

إن الأمر جد خطير، ويحتاج إلى وقفة علمية هادئة، إذ المشكلة تنبع من أخطاء فى التقدير أو الدليل، وكل ذلك يصيب العدالة فى الصميم، ويهز عرش الثقة التى تتربع عليها، من هنا كانت الدعوة الملحة من قبل المفكرين ورجال الإصلاح والمؤتمرات العلمية لمحاولة تلافي مثل هذه الأخطاء وتقديم ضمانات شتى حماية للمتهمين بصفة خاصة.

وكان هذا الموضوع الدقيق والحساس مثار دراسات أكاديمية على صعيد المؤتمرات العلمية المهتمة بقضايا الإنسان عموماً:

قام المستشار مارك أنسيل بتوجيه السؤال الآتى لجميع الدول الأوروبية:

«كم حالة ثبت فيها الحكم بالإعدام إثر خطأ قضائى»؟ ونواصل المسيرة التاريخية لموقف الدول فى مواجهة إلغاء عقوبة الإعدام.