رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أحوالنا

اتخذ البريطانيون قرارهم بالانفصال عن الاتحاد الأوروبى رغم أنف رئيس الوزراء دافيد كاميرون ورغم الحملات الضاربة التى شنها لصالح البقاء فى الاتحاد وركز فيها على أن الخروج سوف يهدر المصالح البريطانية العليا، وكانت استطلاعات الرأى قد أشارت الى أن فرص التصويت بالانفصال تتساوى معم فرص التصويت بالبقاء، حيث تحظى كل منهما بنسبة «50٪»، ومع ذلك جاءت نتيجة الاستفتاء بمثابة زلزال اهتزت له له الأرجاء وخاصة دوائر المال والأعمال التى شهدت تدهوراً غير مسبوق فى قيمة الجنيه الاسترلينى مع تراجع المعاملات   فى معظم البورصات العالمية، وكان أول المهللين لذلك أقطاب اليمين فى كل أنحاء العالم وفى مقدمتهم المرشح المفترض عن الحزب الجمهوري الأمريكى دونالد ترامب والزعيمة اليمينية الفرنسية لوبان، ويرجع اغتباط هؤلاء الزعماء لهذه النتيجة الى أنهم يدعون إلى انفصام الأوطان والتقوقع داخل حدودها ومناهضة الأفكار الاتحادية بل ومعاداة فكرة العولمة ذاتها، وهم يرون أن هذه الأفكار وما تبعها من ممارسات لم تجلب لهم إلا الأضرار والمشاكل وبينها تزايد موجات الهجرة من دول الجنوب الى الدول الغربية وما يمثله ذلك من أعباء على اقتصاديات هذه الدول وزيادة معدلات البطالة بين مواطنيها فضلاً  عن زيادة معدلات الجريمة وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية، ويتساءل البعض كيف تروج مثل هذه الأفكار في زمن العولمة وتبنى الولايات المتحدة لفكرة العولمة والعمل على نشرها في كل مكان.

واقع الأمر أن فكرة العولمة ينطوي على ثنائية متناقضة، ففي الوقت الذى يدع فيه الى عالم واحد يشبه القرية الكونية يسير خلف دولة قائدة، فإنه ينتهج سياسة تفتيتية على المستوى القطري والإقليمي، وتدعو هذه السياسة الى إزكاء النعرات الطائفية وتشجيع الحركات الانفصالية في دول العالم الثالث وخاصة في منطقتنا العربية وفى نطاق شرقنا الأوسط، وبالتالي فإن نتيجة الاستفتاء البريطاني متسقة مع هذا الفكر ولكن في المكان الخطأ، ولن يكون مستغرباً تزايد اتجاهات التفسخ والنزعات الانفصالية في العالم الغربي على نحو ما نادت به دوائر في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية بل وفى ولاية تكساس الأمريكية.

ويأتي دور الإعلام مسانداً ومشجعاً لهذه النزعات التفتيتية، فقبل عصر الفضاء كان الإعلام المحلى يعمل فى جميع أرجاء العالم في إطار نظرية الإعلام ولكنه مع العصر الجديد Broadcasting الموجه الى الكتلة العريضة من الجماهير اتجه الى تفتيت هذه الجماهير من خلال الانفجار الإعلامي الذى أتاح مئات بل آلاف القنوات التي تقاسمت فيما بينها الجماهير التي كانت أسيرة قنوات لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة، وقد أتاح ذلك الفرصة أمام نشر دعاوى الانقسام والتشرذم، وبالنسبة للعالم الغربي كانت الأمور مريحة ومفيدة طالما كانت دعاوى التجزئة والتفتيت والانفصال تنصب على دول العالم الثالث وخاصة منطقتنا العربية، ولكن الآن بعد استفتاء بريطانيا وما سوف يتبعه من تداعيات يبدو أن الوقت قد حان وبات مواتياً أمام طباخ السم كى يتذوقه.