رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الأسبوع الماضى توقفت أمام قضية الفساد الكبرى التى وقعت أحداثها فى شون تخزين ومطاحن القمح.. الأرقام مفزعة لعمليات التلاعب، ووصلت حسب آخر إحصاء إلى 3 مليارات جنيه، وكل يوم يكشف المزيد من التلاعب فى كل صومعة وفى كل مطحن، واختلاسات وتزوير وقد يصل المبلغ إلى أضعاف الرقم الحالى، وسنجد أنفسنا أمام عصابة منظمة متشعبة فى كل مكان.

وفى البداية، أوجه التحية لمن اكتشف هذه الجريمة، وتحية لكل شخص يحارب الفساد فى هذه الدولة.. ويبقى دور أجهزة الرقابة فى الوصول إلى هذا التشكيل من الفاسدين الذى عمل لسنوات بأمان، وهو ما يستوجب مراجعة كل أعمال هؤلاء على مدار السنوات الماضية خصوصاً سنوات الفوضى الماضية.

فالحرب على الفساد تتطلب وجود أجهزة رقابية قوية ومستقلة وقانون لحماية المبلغين عن الفساد، ولو كان هناك مثل هذا القانون فى مصر سوف يشجع الشرفاء للإبلاغ عن مثل هذه الوقائع لأجهزة الرقابة التى يجب أن تتعامل مع كل البلاغات بجدية.

وتحتاج الحرب على الفساد إلى قانون لحرية تداول المعلومات، قانون عصرى يأخذ بالمفاهيم الضيقة للأمن القومى وخضوع كل مؤسسات وأجهزة الدولة إلى معايير الشفافية والنزاهة، فهذا القانون ليس ترفاً كما يروج له البعض، ولكنه سلاح مهم إن لم يكن الأهم فى هذه الحرب.

ومن البديهى أن الفساد يتفشى فى ظل السرية التى تفرضها الدولة على أعمالها، وتغييب الناس عن المشاركة، وصدور القرارات المصيرية دون أى اعتبار للشعب حتى وإن كان الحكام يتمتعون برضا شعبى أو منتخبين فى انتخابات حرة نزيهة. الفاسدون يجيدون العمل فى الظلام وفى ظل إنكار الحقوق المدنية والسياسية للناس. الفاسدون يكرهون حرية الرأى والتعبير واستقلال القضاء، وفق المعايير الدولية. الفاسدون تنتعش فرصهم فى ظل القبضة الأمنية التى تتحكم فى كل شىء فى حياة الناس.. الفاسدون هم من يعتبرون كل نقد وإن كان قاسياً إهانة للدولة وهم يعتبرون أنفسهم رموزاً لها.

فقضية القمح وقبلها قضية مستشار وزير الصحة، ومعهم قضية تسريب امتحانات الثانوية العامة (والوصول إلى من سربوا امتحان العربى) مؤشرات على أن حجم الفساد فى مصر كبير جداً.. وإن كانت أجهزة الرقابة نجحت فى ضبط القضايا الثلاث إلا أن أمامها مهام كبيرة ومئات القضايا التى لم تكتشف بعد، أمامها عمل مستمر للحد من الفساد.

وأعتقد أن الدعم مطلوب لهذه الأجهزة ليس من رأس الدولة فقط، ولكن من كل شريف فى هذه الأمة، الحكومة والشرفاء فى البرلمان وفى الإعلام، ولكن الأهم أن تعمل هذه الأجهزة بمهنية ودون انحياز سياسى أو فئوى، ودون الاستجابة للضغوط التى كانت تمارس عليها طوال السنوات الماضية.

فالحرب على الفساد مثلما تحتاج لقوانين عادلة ونزيهة تحتاج إلى قوة وحزم فى تطبيقها وتحتاج إلى قضاء مستقل وإعلام حر قادر على فضح الفاسدين مهما كانت مناصبهم، وتحتاج إلى مسئولين يتحملون النقد حتى وإن كانوا منتخبين، فمن يكره النقد عليه أن يجلس فى منزله ولا يتصدى للعمل العام.