رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأينا فيما سبق أن الاتجاه العالمى فى ميدان العقوبة الاتجاه صوف إعمال علم النفس الجنائى، ورأينا ما قيل من أن مهمة القاضى الجنائى فى نشر العدالة دون الاعتماد على علم النفس ضرب من المحال، وذلك توكيداً للاتجاه الإنسانى العالمى فى ساحة القضاء فى ضوء ما قدموه من تعاليم «ليس هو الموت الذى يجب أن نتعلم كيف نخشاه وإنما: هى الحياة التى ينبغى أن نتعلم كيف نحترمها» وذلك حسبما أعلنها فى 17 مارس من عام 1838 الشاعر الفرنسى الثائر «لامارتين» تحت قبة البرلمان الفرنسى، ونواصل توكيد هذا الاتجاه:

ويعلق ستانيسلو بلاوسكى على هذا الاتجاه بقوله فى مقال له عن عقوبة الإعدام: «إنه يجب النظر إلى المجرم، مهما كانت طبيعته الإجرامية باعتباره مريضاً: أن تقتل مريضاً هذا أمر يتجافى مع مبادئ حضارتنا المعاصرة».

وفى لندن عام 1925 أصدر مؤتمر السجون الدولى قراراً بالإجماع: «وجوب على رجال القضاء دراسة علمى النفس والاجتماع».

ورغم انتصار هذه الدعوة وأنها أتت أكلها بعد حين فإن صعوبات عدة وقفت فى سبيل تحقيق أهدافها -فى البداية- على نحو مرضٍ، لماذا؟

حيث إن فهم الطبيعة الإنسانية كان -ولا يزال- هو المشكلة الأزلية التى حيرت عقول المفكرين منذ القدم، فإذا كانت العلوم الطبيعية تتعامل مع «المادة» وفى وسعها السيطرة عليها وإخضاعها للتجربة فذلك أمر يبدو عسير المنال بالنسبة للإنسان.

إن عالم النفس الإنسانية -ذلك المجهول- الذى حار الفكر البشرى فى كشف أغواره الحقيقية، عالم ذو سلطان خاص، فيه الهدوء وفيه الثورة، فيه الجموح العاطفى والتهاب المشاعر، فيه حكم العقل أو ترديه، ولكن مع الصبر والبحث والتأنى -خطوة خطوة- كتب النجاح والانتصار لهذا الاتجاه الإنسانى.

إن العقوبة الرادعة لم تقف حائلاً دون عودة المذنب إلى ارتكاب ذات الجريمة بناء على رغبة نفسية أو تصوره النفسى، إنه هذه المرة سيقدر على الهرب والإفلات من العقوبة ويحاول التفنن فى رسم الطريق بعدم الوقوع فريسة السلطة.

ويحدد لنا «كويستلر» فى مؤلفه خواطره حول عقوبة الإعدام وقدم لنا إحصاءات ذات دلالة قوية حول عودة المجرمين إلى ارتكاب ذات الجريمة، وأن عقوبة الموت نفسه لم تردعهم عن ارتكاب ذات الجرائم، كيف ولماذا؟

قال لنا: إنه فى مطلع هذا القرن «القرن العشرين» حدث فى إنجلترا أن تم تنفيذ حكم الإعدام -علناً- على التوالى فى 250 متهماً، ثبت أن 170 منهم كان سبق لهم مشاهدة تنفيذ العقوبة مرة وأيضاً بعضهم مرتين.

وفى القرن السابق عام 1886 وقد نفذ حكم الإعدام فى 167 محكوماً عليهم بعقوبة الإعدام فى سجن بريستول ثبت أن 164 من بينهم -وهو عدد قريب من الإجتماع- كان قد ساهم فى مشاهدة تنفيذ عقوبة الموت على متهمين آخرين.

والتساؤل إذن يظل قائماً، ماذا وراء هذه النفس المذنبة التى لم تردعها العقوبة ولو كانت هى الموت؟