رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأينا أن الاتجاه الفكري في ميدان الجريمة والعقوبة كان الانتصار نحو أعمال علم النفس الجنائي والنظر الدقيق صوب المتهم والوقوف على دراسة حياته، والاتجاه نحو ما نادت به المؤتمرات العلمية في ضوء ما نادى به الشاعر الفرنسي «لامارتين» في مواجهة أحكام الإعدام بعد الثورة الفرنسية الكبرى وتنفيذ حكم الإعدام في الملك لويس السادس عشر، وأيضاً زوجته الملكة «جميلة الجميلات ماري أنطوانيت» وقال: «ليس هو الموت الذي يجب أن نتعلم كيف نخشاه وإنما: هي الحياة التي ينبغي أن نتعلم كيف نحترمها وإعلاء شأن إنسانية الإنسان».

وقد أجمع علماء النفس الجنائي على تطبيق قاعدة ومبدأ وبيان طبيعة حكم القاضي بقولهم: «إن مهمة القاضي في نشر العدالة دون الاعتماد على علم النفس ضرب من المحال».

آن الأوان مع التقدم الحضاري وإعلاء شأن الإنسانية أن نتعمق داخل سراديب النفس البشرية والوقوف لمعرفة سرها ونجواها فهى عالم عميق الأغوار، ونواصل الوقوف مع علماء النفس الجنائى:

ويأتي تيودور ريك -أحد علماء مدرسة التحليل النفسي المعاصرة- في مؤلفه ذائع الصيت: «القاتل المجهول» إلى كل من له صلة وقربى بالقانون تشريعاً أو تطبيقاً: «إن كل قاضٍ أو مدعٍ عام أو محامٍ يقنع بدراسة نفسية اجتهادية مستقاة من تجارب الحياة اليومية خير له أن يعتزل منصبه، فليس في الوجود مهنة تحتاج إلى مثل ما تحتاجه مهنة رجل القانون من دراسات نفسية جدية مستفيضة، وتواجه ما تواجهه هذه المهنة من مشكلات الطبيعة البشرية وتحمل تبعاتها الجسام، فخير لرجل القانون أن يتخلى عن دراسته القانونية مقابل احتفاظه بدراسته النفسية ولو بدا في هذا القول ظاهرياً نوع من التناقض.

ولما كان أغلب القضاة يحاكمون جرائم لا مجرمين، وأنهم ماهرون في تفسير نصوص القانون، حاذقون في تطبيق العقوبات المقررة في مواده لكل جريمة، ملمون بمختلف المذاهب الفقهية وآراء الشراح وأحكام المحاكم، بصدد الجريمة التي يحاكم من أجلها المتهم وأركانها القانونية ولكنهم غاضون النظر عن شخص المتهم، والعوامل النفسية والاجتماعية التي دفعته إلى التردي في مهاوي الجريمة.

من هنا كانت الدعوة ملحة إلى المطالبة بقضاة يتقنون علم النفس، وإنه إذن لتحقيق العدالة المنشودة -في شكلها الإنساني- كان فرضاً لازماً على معشر القضاة أن يرفعوا نظرهم من أوراق القضية صوب المتهم وراء قفص الاتهام ومحاولة فهمه والوقوف -في تأنٍ- على كافة ظروفه النفسية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة به.

وهكذا تحول الاهتمام حال وضع التشريع وصياغته إلى الاهتمام بشخص المجرم حال تحديد مسئوليته.

وقد جاء بمواد القانون الذي صاغه المجلس الأوروبي «المواد من 61 إلى 65» النص الصريح على معالجة المذنب بدلاً عن التنكيل به، إن غاية المشرع وجب ألا ترمي نحو اجتثاث المتهم من المجتمع «بالحكم بموته» إنما أن تعمل جاهدة على أمر علاجه وإعادته إلى حظيرة المجتمع ليعود عضواً نافعاً في نسيجه وكيانه».