رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فين؟

لا نشأته ولا هيئته كانتا توحيان أن يصبح عمدة لندن.. بالكتير كان يشتغل سواق أيضاً.. فقد كان ابن مهاجر سواق للأتوبيس، وأمه خياطة، ويقيمون فى مساكن للفقراء فى ضواحى لندن.. هذا هو منطقنا العربى.. وربما منطقنا الإسلامى وثقافتنا المعاصرة.. لا توجد عندنا معايير.. ابن الزبال يموت زبالاً.. وابن السواق لا يشم رائحة الشرطة ولا النيابة ولا الكليات العسكرية، والأغرب لا يدخلون حضانات مميزة!

قبل ان أدخل فى الموضوع، الآن فى مصر يطلبون شهادات جامعية لأب الطفل وأمه، عند دخول حضانات معينة.. يعملون لهما «انترفيو».. كأنه سيبقى سفيراً فى الخارجية.. ولا يدخلون النوادى إلا بشهادة جامعية.. يحدث هذا فى مصر.. تخيلوا الكارثة.. لا نفعت ثورة ولا ثورتان.. ابن السواق أصبح عمدة لندن بالانتخاب.. أعلى تصويت وأعلى نسبة حضور فى تاريخ المدينة العريقة.. هذا هو الفارق بيينا وبينهم للأسف!

صادق خان دخل «العمودية» من نفس الباب الذى دخل منه أوباما البيت الأبيض.. من كان يصدق؟.. لا الأول كان يصدق ولا الثانى.. واحد مهاجر والثانى زنجى أفريقى.. لكنه حلم مارتن لوثر كينج الذى تحقق.. البقاء يتوقف على ممارسة هذا أو ذاك.. إما أن تستمر الحكاية على البحرى، وإما أن تُغلق بالضبة والمفتاح.. صادق خان فتح الباب لكن ممكن أن يغلقه للابد.. وأوباما فتح الباب، لكنه قد يغلقه للأبد أيضاً!

منذ أعوام فاز طالب فى اختبارات الخارجية بالمركز الأول.. تم استبعاده لأنه غير لائق اجتماعياً.. انتحر فى النيل.. ومنذ عام سئل وزير العدل: هل يدخل ابن الزبال القضاء؟.. قال لا.. وخرج من الوزارة لكن المنطق مازال سائداً.. كانت مشكلته أنه جاهر بالحكاية فقط.. يومها قال السفير الانجليزى أهلاً بأبناء الزبالين فى السفارة، المعيار هو الكفاءة.. سخرنا وشتمناه.. بعد عام أصبح ابن السواق عمدة لندن!

هل قرأت دلالات انتخاب صادق خان الباكستانى المهاجر عمدة للندن؟.. هل اهتممت بها؟.. هل سعدت لأنه مسلم، وأننا يوما ما سنحكم بريطانيا؟.. كيف رأيت الحكاية؟.. الحكاية هى المعايير.. الحكاية هى الكفاءة وليس الأصل، أو الدين أو الجنس أو اللون.. صادق خان لم يكن يستطيع ان يكون عمدة قرية ابو تشت عندنا.. لم يكن يحلم.. لكنه فاز فى لندن بأعلى أصوات فى التاريخ.. والمفاجأة على المرشح الارستقراطى!

لا أسعى إلى جلد الذات كثيراً.. لكننا فى هذه اللحظة ينبغى أن نجلد الذات،وندق ناقوس الخطر.. كيف وصلنا إلى هذه الطبقية البغيضة؟.. كيف يمكن أن نعيش فى سلام اجتماعى بلا طاقة نور؟.. تصورت أننا سوف نفتح الباب أمام الكفاءات والطاقات.. لكن بلا جدوى.. نحن هنا نتوارث الوظائف.. أولاد القضاة وأساتذة الجامعات والضباط وحتى أبناء الفنانين.. فلم يكن غريباً أن تفكر سوزان فى توريث ابنها جمال!

المنطق يقول أن ابن السواق كان كبيره يبيع مناديل وفلايات فى الأتوبيس.. لكنه انتخب فى المحليات وأصبح وزيراً فى حكومة انجلترا، وأخيراً عمدة لندن وعمره 45 سنة.. اخجلوا من أنفسكم.. استحوا على دمكم.. فى بلادنا يقولون لمن هو دون الخمسين: مستعجل ليه؟.. الغرب يطبق الإسلام، الذى نقدسه ولا نعمل به!

آخر كلام:

فى خطاب النصر قال صادق خان: «فخور بلندن التى تخيرت اليوم الأمل بديلاً للخوف، وتخيرت الوحدة على الانقسام».. توقفت أمام كلمتى الأمل والخوف.. الأمل هو الذى يفتح طاقة النور.. افتحوا باب الأمل للناس!