رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

تتبعنا مع العقوبة بصفة محددة ورأينا مسيرتها التاريخية بفضل أصحاب الفكر الحر والإنساني مدعمًا بما جاء من قبل المؤتمرات العالمية في مواجهة عقوبة الموت باسم القانون والتي تحت مسمى عقوبة الإعدام الانتقال التاريخي من دائرة القسوة والانتقام إلى إعلاء شأن الإنسانية التي كرمها الله في أم الكتاب و«كرمنا بنى آدم» ثم انتقل الاتجاه الإنساني صوب عقوبة الإعدام ورأينا قمم علماء الإجرام وفقهاء القانون الإجرامي بإعمال منتهى الإنسانية نحو إلغاء هذه العقوبة والتي وصفوها بـ «البربرية» وأنها فشلت فشلا ذريعًا في الوقوف ضد تيار نهر الجريمة المتدفق، وقد لوحظ أن الجريمة وسفك الدماء والقتل فرديا وجماعيًا مازال يجري في ذلك الوادي الكبير الذى نسميه الحياة».

وما علينا الآن وفى ضوء هذا التطور للإنسانية بمباركة أئمة الفقه والقانون الجنائي في إعمال دور الإنسانية بعيدا عن الانتقام الأعمى، ونواصل مع هذه المسيرة الإنسانية التي أتت ثمارها في معظم دول العالم والتي توجتها بإلغاء هذه العقوبة من قاموس قانون العقوبات.

ونواصل المسيرة الناجحة كالآتي ونبدأ بالذين تعمقوا في تحليل هذه العقوبة من شتى نواحيها:

ويأتي «جان ماركيزيه» في كتابه عن «الجريمة» يناصر آراء سلفه ويعلن في تحد:

«إن التقدم الحضاري لم يستطع أن يوقف تدفق الدم من ذلك اليوم الذى قتل فيه هابيل على يد أخيه قابيل» وأضاف في منطقية:

«إن الطبيعة البشرية هي في كل زمان ومكان».

وفى جرأة منقطعة النظير، هاجم الفيلسوف الفرنسي «البير كامى» في كتابه عن «خواطر حول عقوبة الإعدام» وحاكم من خلاله الدولة وكبريائها، وأنه أشد فتكًا وقتلاً من الأفراد، ويكفى أن نضرب مثلاً بضحايا الحروب وناشد الدولة أن تهب فورًا لإلغاء عقوبة الإعدام.

وهذا ما فعله في فرنسا رئيسها المحامي الشهير والذى أصبح رئيسًا للجمهورية أكثر من مرة «فرنسوا ميتران» الذى وضع أول شرطة فى معركته الانتخابية والتي انتصر فيها انتصارًا رائعًا على منافسه «جيسكار ديستان» الرئيس الأسبق، «إلغاء عقوبة الإعدام» وقد تم له ذلك بموافقة مجلس الأمة الفرنسي بما يشبه الإجماع.

ماذا قال ألبير كامى إذن؟

«إن القوانين المصبوغة بالدم، تلوث بالدم أيضًا أخلاق الشعوب».

وجب إذن أن نبعد - باسم الكرامة الإنسانية - عن شبح المقصلة وكل ما يذكرنا بمناسبتها وملاهيها - حيث كان التنفيذ علانية - وفى مهرجانات مملوءة باللهو مصبوغ بالدم.

«إن المثل الذى تقدمه لنا المقصلة - المعبرة عن قوانين البلاد وعدالتها - تنطق بلا ريب أن حياة الإنسان توقفت عن أن تكون مقدسة، ما دمنا نرى أن في قتله حياة للمجتمع وأهمية في سبيل مستقبله».

ولذلك، وحتى تعود للإنسان قيمته وجب أن توضع هذه «القيمة الإنسانية» فوق كل اعتبار وأيضا فوق الدولة ذاتها، وانتهى إلى القول، والذى أصبح فيما بعد منشورًا عالميًا حين تم إعلان وثيقة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» والذى نص فيه على حرية الفرد وحقه في الحياة والأمن لشخصه، فلا قهر ولا تعذيب أو الخضوع لعقوبات قاسية مجردة من الرحمة والإنسانية

هي هي ذات المعاني التي نادى بها ألبير كامى ومن سبقه ومن جاء بعده من الفلاسفة الأحرار.

«إن عقوبة الإعدام لم يثبت حمايتها للمجتمع: إنها ضد الإنسانية والعدالة ولا جدوى من وراء تنفيذها - ومن أجل هذا فإن إلغاء هذه العقوبة بصفة رسمية وجب أن يكون المادة الأولى في المجموعة القانونية الأوروبية، وهذا هو أملنا ومنتهى رجاء الإنسانية».

وقد تم له فعلا هذا الأمل وذلك الرجاء.

قال الفيلسوف فيرنيه:

«إن أنجع وسيلة وأسمى غاية يحققها المجتمع لحماية نفسه ضد المجرم الذى هوى إلى ظلمات الجريمة، ألا تمتد يده، ويستخدم بطشه في التنكيل بالمجرم، بل يعمل بجميع الوسائل لعلاجه وإعادته إلى حظيرة المجتمع عضوًا نافعًا».

وقال الكاتب الإيرلندي ذائع الصيت «جورج برناد شو»:

«إنها استحالة أن نصلح حال الإنسان بأن نجعله فريسة الأذى».

وقال الباحث الألماني المدقق «بوكلمان»:

«إن الحجة العقلية الرئيسية ضد عقوبة الإعدام تكمن في أننا لا نستطيع أن نقدم حجة منطقية لتأييدها ولصالحها».

وقال الفقيه الإيطالي المعاصر «مارشيزان» حافظوا على حكم العقل والعدالة والإنسانية وحاكموا - علانية - عقوبة الإعدام، إن هذه العقوبة «إن هي إلا جريمة اجتماعية حقيقية».

وقد أتت الفلسفة الإنسانية أكلها - إذن - بعد حين.